كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي - كتاب الطهارة

فقوله: [تَوضّئِي]: أمر يدل على وجوب الوضوء على المستحاضة عند دخول وقت كل صلاة، وهو معنى قوله: [لِكلِّ صلاةٍ].
وهذه هي أشهر الأقوال في المستحاضة.
أما الذين قالوا بغسلها لكل صلاة؛ فالروايات ضعيفة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأمره للمستحاضة بالغسل، إلا ما ورد في حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرها أن تغتسل قال كما في الصحيح: [وكانتْ تَغتَسلُ لكل صَلاةٍ] قالوا: هذا يدل على وجوب غسل المستحاضة لكل صلاة، وهو مذهب من ذكرنا من الصحابة رضي الله عنهم؛ والصحيح أنه لا يجب، وأن اغتسال فاطمة -رضي الله عنها- كان اجتهاداً منها وليس بأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لها لأنه عليه الصلاة والسلام: إنما أمرها أن تغتسل عند إنتهاء عادتها فقط كما هو ظاهر القرآن، والأحاديث الصحيحة عنه عليه الصلاة والسلام.
أما الذين قالوا: بأنه يجب عليها طُهرٌ في يوم واحد فهناك أحاديث ضعيفة، وآثار إستدلوا بها لا تقوى على إثبات ما ذكروه.
والذي يترجح في نظري والعلم عند الله: أنه يجب عليها أن تتوضأ لكل صلاة على ظاهر ما ذكرناه من حديث فاطمةَ بنتِ أبي حُبيشٍ رضي الله عنها، عند أبي داود، والترمذي، وأحمد، والبيهقي، والحاكم، وصححه غير واحد، وسئل الإمام البخاري -رحمه الله- عنه فحسّن إسناده.
هذا حاصل ما يُقال في حكم المستحاضة من جهة طُهْرها.

الصفحة 437