كتاب ما رواه الأكابر عن الأصاغر لأبي بكر الباغندي

ربيع الأول سنة ست وعشرين وخمس مئة فأقر به قال: نا الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر الزاهد المقدسي سماعاً من لفظه في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وأربع مئة قال: أنا أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن برهان الغزال قال: أنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى الحافظ قال: أنا أبو بكر محمد ابن محمد بن سليمان الباغندي قراءة عليه فأقر به سنة سبع وثلاث مئة قال:
1- نا سويد بن سعيد الحدثاني قال: نا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عبد الله -[91]- بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أن عمر رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة ابن الجراح رضي الله عنه وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام فقال ابن عباس رضي الله عنهما: قال عمر رضي الله عنه: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا عليه، فقال بعضهم: قد خرجت لأمرٍ ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال عمر رضي الله عنه: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي الأنصار، فدعوتهم له فاستشارهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا اختلافهم، فقال رضي الله عنه: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح وغيرهم، فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم -[92]- رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء،
فنادى عمر رضي الله عنه في الناس: إني مصبحٌ على ظهرٍ فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة رضي الله عنه: أفراراً من قدر الله؟ فقال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة -وكان عمر رضي الله عنه يكره خلافه- قال: نعم، [نفر] من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل فهبطت وادياً له عدوتان إحداهما خصبةٌ، [والأخرى] جدبةٌ؛ أليس إن [رعيت] الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله،
فجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وكان متغيباً في بعض حاجاته فقال: إن عندي من هذا [علماً] ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا [فراراً] منه)) ، فحمد الله عمر رضي الله عنه ثم انصرف.

الصفحة 90