كتاب التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (اسم الجزء: 1)

فصل (هل تقاس السفينة على الدابة)
وقد (¬1) ثبت جواز صلاة النافلة إلى غير القبلة على الدابة. وهل يجوز ذلك في السفينة إذا دعت الضرورة إليه؟ فيه قولان: المشهور منعه، والشاذ جوازه. ومبناه على الخلاف في القياس على الرخص هل يقاس عليها أم لا؟ فمن منع منه جاء منه (¬2) ما في المشهور، ومن أجازه جاء منه الشاذ.

(جواز التنفل جلوساً)
ولا خلاف (¬3) في جواز ترك القيام في النافلة. وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يصليها جالساً مع القدرة على القيام، وأخبر أن صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم (¬4). لكن اختلف أهل المذهب هل انحطاط الأجر مختص بالقادر لأنه تارك (¬5) لحظه من القيام، أو يعم القادر والعاجز لعموم الحديث؟ فهذا إذا افتتح الصلاة جالساً.
ولو افتتحها قائماً ثم شاء الجلوس؛ ففي المذهب قولان: أجازه في الكتاب (¬6)، ومنعه أشهب.
وسبب الخلاف هل تمادي القيام كالعمل المتصل فيلزم تمامه على ما ابتدأ به قياساً على صلاة النافلة والصوم والحج، أو كل جزء من القيام
¬__________
(¬1) في (ق) و (ت) وإذا.
(¬2) في (ق) و (ت) فيمن جاء منه.
(¬3) في (ت) ولا خلاف نعلمه.
(¬4) أخرج مسلم في صلاة المسافرين 735 واللفظ له، والنسائي في قيام الليل 1659 عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو قَالَ: حُدِّثتُ أَنَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "صَلاَةُ الرَّجُل قَاعِداً نِصْفُ الصَّلاَة" قَالَ: فَأَتيتُهُ فَوَجَدتُهُ يُصَلي جَالِساً فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى رَأْسِهِ فَقَاَل: "مَا لَكَ يَا عَبدَ الله بنَ عَمرو؟ " قُلْتُ: حُدِّثْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّكَ قلتَ: "صَلاَةُ الرّجُلِ قَاعِداً عَلَى نِصْفِ الصلاةِ" وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِداً؟ قَالَ: "أَجَلْ وَلَكِنَّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ".
(¬5) في (ق) هل الخطاب الآخر مختص بالقادر لأنه لا تارك.
(¬6) المدونة: 1/ 79.

الصفحة 432