كتاب التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (اسم الجزء: 1)
وأما ما يرجع (¬1) إلى الخُلُق صنفان: صنف يرجع إلى الاعتقاد، وصنف يرجع إلى الجوارح.
وقد يحصل من هذا خمسة أقسام:
أحدها: ما يمنع كمال أحد الأركان أو جميعها. فإن منع القيام فهل تصح الإمامة أم لا؟ أما إن كان (¬2) المقتدون به قادرون على القيام فالمشهور من المذهب أن الاقتداء به لا يصح. وهذا لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - من قوله: "لا يؤم أحد (¬3) بعدي جالساً" (¬4). والشاذ: صحة الاقتداء به. ويفعل المقتدون به من القيام ما يقدرون عليه. وهذا لما روي من صلاته - صلى الله عليه وسلم - في مرضه بالناس وهو جالس وهم قيام. لكن اختلف فيمن كان إماماً هل أبو بكر أو النبي - صلى الله عليه وسلم - كما تقدمت الإشارة إليه. وإن كان المقتدون به عاجزين كعجزه فقولان: أحدهما: صحة الاقتداء به لتساوي الحالات ولا مخالفة، والثاني: عدم الصحة لقوله: "لا يؤم أحد بعدي جالساً".
وإذا صححنا الإقتداء به فصح (¬5) بعض المقتدين فما يفعل؟ قولان: قيل يقوم فيتم لنفسه فذا؛ لأنه افتتح الصلاة بوجه (¬6) جائز، ولا يصح إتمامه مقتدياً. والثاني: أنهم يتمون معه الصلاة قائمين. وهذا تعويلًا على صحة الإقتداء به أولاً، ومراعاة (¬7) لقول من يقول يجوز الاقتداء بالجالس وإن كان المقتدي به قائماً. ويجري فيه قول ثالث: أنه يقطع الصلاة كالأمة تعتق في الصلاة وليس عليها ما يستر عورة الحرة.
وإن فقد الإمام عضواً من الأعضاء التي يسجد عليها كقطع اليد
¬__________
(¬1) في (ت) و (ق) وما يرجع.
(¬2) في (ق) أو كان.
(¬3) في (ت) أحدكم.
(¬4) لم أقف عليه إلا عند ابن عبد البر 6/ 142، والشافعي في الأم 7/ 200 بلفظ قريب.
(¬5) في (ق) فصح فرض بعض.
(¬6) في (ر): بأمر.
(¬7) في (ق) لتساوي مراعاة.