كتاب التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (اسم الجزء: 1)
وفي الكتاب: في الإمام القدري أنه لا يصلى خلفه. قال: ولا الجمعة إن استيقنت ذلك (¬1)، وإن كنت تتقيه وتخافه على نفسك فصلها معه (¬2) وتعيدها ظهراً أربعاً. وعقب المسألة قول ابن القاسم: ورأيت مالكاً إذا قيل له في إعادة الصلاة خلف أهل البدع يقف ولم يجب في ذلك (¬3). وهذا كأنه مناقض للأول لأنه أجاب أولاً بإعادته ظهراً، ووقف بعد ذلك. وقد قال الأشياخ: إنما أعاد الأولى لأنه دخل على الصلاة تقية (¬4) فهو كالمصلي بنية الإعادة، فتجب عليه. والثاني: صلى ولا علم عنده من حال الإمام فدخل على الإجزاء، فلهذا وقف مالك في إعادته لأنه أشكل عنده في تلك الحال الأمر في كفرهم أو فسقهم (¬5).
والقسم الخامس: ما يرجع إلى الجوارح؛ وهو الفاسق بجوارحه، كشارب الخمر وما في معنى ذلك من الكبائر. وفي صحة الصلاة خلف من هذه حاله قولان: أحدهما: أنها لا تصح الصلاة؛ لأنه إذا ارتكب كبيرة أمكن أن يترك ما يؤتمن عليه من فروض الصلاة كالطهارة والنية. والثاني: صحة إمامته؛ لأن فسقه غير متعلق بأحكام الصلاة. وهو خلاف في حال، وإنما ينبغي أن يعتبر حاله؛ فإن كان من أهل التهاون والاستجراء (¬6) بحيث يمكن (¬7) أن يترك بعض الفروض كما تقدم فلا تصح إمامته، وإن كان ممن اضطهره هوى غالب (¬8) إلى ارتكاب كبيرة مع براءته من التهاون والجرأة صحت إمامته، وهذا يعلم بقرينة الحال.
¬__________
(¬1) في (ق) إلا إن اتقيته في ذلك.
(¬2) في (ت) فصلي خلفه.
(¬3) المدونة: 1/ 84.
(¬4) في (ت) لأنها صلاة على تقية.
(¬5) في (ق) في كفرهم وإيمانهم، وفي (ت) بكفرهم أو بفسقهم.
(¬6) في (ر) والاستهزاء.
(¬7) في (ق) يخشى.
(¬8) تعذرت قراءة هذه العبارة من جميع النسخ. وما أثبته هو من منقولات صاحب التاج والإكليل عن ابن بشير 2/ 92.