كتاب التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (اسم الجزء: 2)

ولا تنفع السترة بالخط. وفي الحديث الخط باطل (¬1). وتجوز السترة بكل ظاهر ثابت غير متنقل لا يخاف منه مضرة ولا يؤدي إلى بطلان الصلاة. وهذه التحرزات من الاستتار بالنجاسة كقصبة (¬2) المرحاض وما في معناها، أو الصلاة إلى حلقة المتحدثين المستقبل وجوهَهم، أو المرأة غير ذات المحرم.
وهل تجوز الصلاة إلى الحلقة الدائرة؟ في المذهب قولان: الجواز، لأنه يستقبل ظهر الجالس. والكراهة؛ لأنه يستقبل وجه المقابل (¬3) للجالس. ومن ذلك الصلاة للنائم والمجنون. وبالجملة غير المميز لأنه لا يُؤمَن ما يحدُث من هؤلاء من ريح ونحوه. [وكذلك الصبي الجميل الصورة والمخنث، فإنهما يلحقان بالمرأة] (¬4).
وبالجملة كل من لا يؤمن معه التذكر فيما يفسد الصلاة، فإنه لا يجوز الاستتار به. وقد أجازوا الصلاة إلى الطائفين (¬5) لأنهم في حكم المصلين.
...
¬__________
(¬1) لم أقف على هذا الحديث، بل هو من كلام الإمام مالك في المدونة 1/ 113 والحديث المشهور في هذه المسألة هو ما أخرج أبو داود في الصلاة 689 واللفظ له، وأحمد في مسنده 2/ 187 وابن حبان 2/ 13، وابن حبان 6/ 138عن أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُم فَلْيَجعَلْ تِلقَاءَ وَجهِهِ شَيْئاً فَإِن لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصاً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصاً فَلْيَخْطُطْ خَطّاً ثُمَّ لاَ يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامَهُ".
قال صاحب عون المعبود 2/ 271: "واعلم أن حديث الخط المذكور أخرجه أيضاً ابن حبان وصححه والبيهقي وصححه أحمد وابن المديني فيما نقله ابن عبد البر في الاستذكار. قاله الشوكاني: وأخذ به أحمد وغيره فجعلوا الخط عند العجز عن السترة سترة، وأما الأئمة الثلاثة والجمهور فلم يعملوا به، وقالوا: هذا الحديث في سنده اضطراب فاحش كما ذكره العراقي في ألفيته. وقال الحافظ ابن حجر: وأورده ابن الصلاح مثالاً للمضطرب ونوزع في ذلك".
(¬2) في (ق) كقضية.
(¬3) في (ت) المحادي.
(¬4) في (ق) ومن المرأة وألحقوا بها المأبون في دبره.
(¬5) في (ق) و (ت) الطائفتين.

الصفحة 525