كتاب عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار (اسم الجزء: 1)

وأيضاً فإن الصحابة اختلفت في المراد بالملامسة على ثلاثة مذاهب:
فذهب علي وابن عباس إلى أن المراد به الجماع.
وذهب عمر وعمار إلى أن المراد به اللمس.
وذهب ابن عمر وابن مسعود في آخرين إلى أن المراد الأمران جميعاً، فإذا لم يكن بد من الأخذ بأحد المذاهب فالمصير إلى قول من قال: إن المراد بالآية اللمس لا الجماع أولى من وجهين:
أحدهما: أن من حمل الآية على الجماع جعل اللمس كناية عنه، ومن حمله على اللمس حمله على الحقيقة؛ لأن عليًّا وابن عباس - رضي الله عنهما - قالا: كنى الله - تعالى - بالملامسة عن الجماع.
والوجه الثاني: هو أنه إذا حمل اللمس على الجماع حمل على التكرار الذي لا فائدة فيه؛ لأن الله - تعالى - ذكر في الآية الجنب بقوله: {وإن كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}، فوجب أن يحمل اللمس على المس دون الجماع؛ كلا يكون حملاً على التكرار، وتكون فيه فائدة أخرى.
فإن قيل: فإن ابن عباس قال: إن اللمس كناية عن الجماع، ومتى حمل اللفظ على الكناية لم يجز حمله على الصريح لاختلافهما.
وأما ابن عمر وقوله: قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة فإنه حمل ذلك على ما سوى الجماع، فقد بقي مما لم

الصفحة 513