كتاب عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار (اسم الجزء: 1)

أو لمست»، فأطلق اللمس، فلو كان للجماع على ما يقول أبو حنيفة لم يكن في هذا فائدة؛ لأنه يكون قد قال لمن اعترف بالجماع؛ لعلك جامعت، ولا يجوز هذا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما فرق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين قول الرجل زنيت، وبين قوله عليه السلام: «لمست.، علمنا أن اللمس غير الجماع، والنبي عليه السلام سيد أهل اللغة، وبحضرته سادات في اللغة - يقول: «لعلك لمست»، فلا يقول أحد منهم: يا رسول الله، اللمس: الجماع، فلما سكتوا مع إطلاقه علم أن إطلاق اللمس في لسانهم هو المس دون الجماع.
وكذلك روت عائشة - رضي الله عنها - أنه ما كان من يوم إلاَّ ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطوف علينا فيقبل ويلمس، فإذا جاء إلى من هي في يومها أقام عندها، وعائشة - رضي الله عنها - من المعرفة باللغة واللسان بالمكان الذي لا يخفى، فأطلقت اللمس على ما دون الجماع، فبان بهذا أن إطلاق اللمس لما قلناه.
فإن قيل: يجوز أن يكون صريحاً في اللمس إذا أطلق لما ذكرتم، ثم قد يجعل كناية عن الجماع كما قَالَ ابْنُ عباس، وإذا اختلفوا في حكم المراد بالآية عن الجماع كما قَالَ ابْنُ عباس، وإذا اختلفوا في حكم المراد بالآية فإما أن تحملوه على الصريح من المس فقد أسقطتم قول من قال: إنه في الآية كناية، أو تحملوه عن الكناية فتسقطوا حكم من حملها على الصريح، وهذا لا يسلم لأحد القولين دون الآخر،

الصفحة 518