كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

ولو عصوا، بل يجب السمع والطاعة في المعروف مع المناصحة، ولا تنزعن يدا من طاعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة في المنشط والمكره، وفيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله فلا سمع ولا طاعة» (¬1)، ويقول عليه الصلاة والسلام: "من رأى من أميره شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله، ولا ينزعن يدا من طاعة، فإنه من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية" (¬2) وقال عليه الصلاة والسلام: "من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جماعتكم وأن يشق عصاكم، فاقتلوه كائنا من كان" (¬3).
والمقصود: أن الواجب السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور؛ من الأمراء والعلماء، وبهذا تنتظم الأمور، وتصلح الأحوال، ويأمن الناس، وينصف المظلوم، ويردع الظالم، وتأمن السبل، ولا يجوز الخروج على ولاة الأمور وشق العصا؛ إلا إذا وجد منهم كفر بواح، عند الخارجين عليه من الله برهان، ويستطيعون بخروجهم أن ينفعوا المسلمين، وأن يزيلوا الظلم وأن يقيموا دولة صالحة. أما إذا كانوا لا يستطيعون؛ فليس لهم الخروج، ولو رأوا كفرا بواحا؛ لأن خروجهم يضر الناس، ويفسد الأمة،
¬_________
(¬1) رواه البخاري (2796)، ومسلم في "الصحيح" (1839) والترمذي في "السنن" (1707) وأبو داود في "السنن" (2626) والنسائي في "السنن" (4206) وابن ماجه في "السنن" (2864).
(¬2) رواه أحمد في "المسند" (6/ 24) ومسلم في "الصحيح" (1855) والدارمي في "السنن" (2797) وأبو عوانة في "المسند" (7184).
(¬3) رواه مسلم في "الصحيح" (1852) وأبو عوانة في "المسند" (7140) والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 169) والطبراني في "الكبير" (362).

الصفحة 100