كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

دنياكم " (¬1) وهذا عام، فكل ما تصلح به الدنيا فلنا الحرية فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " أنتم أعلم بأمور دنياكم "!!
وهذه - لا شك - شبهة؛ لكن هل هو مسوغ لهم في أن يخرجوا عن قوانين الإسلام في إقامة الحدود، ومنع الخمور وما شابه ذلك؟
وعلى فرض أن يكون لهم في بعض النواحي الاقتصادية شبهة، فإن هذا ليس فيه شبهة.
وأما تمام الإشكال المطروح فيقال فيه: إذا كان الله تعالى بعد أن فرض القتال قد قال: {إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون} (¬2)؛ فكم هؤلاء؟! واحد بعشرة، ثم قال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين} (¬3).
وقد قال بعض العلماء: إن ذلك في وقت الضعف، والحكم يدور مع علته، فبعد أن أوجب الله عليهم مصابرة العشرة قال: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا}
ثم نقول: إن عندنا نصوصا محكمة تبين هذا الأمر، وتوضحه؛ منها
¬_________
(¬1) أخرجه مسلم برقم (2362) عن رافع بن خديج رضي الله عنه.
(¬2) سورة الأنفال، الآية: (65).
(¬3) سورة الأنفال، الآية: (66).

الصفحة 109