كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

قوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} (¬1) فالله سبحانه لا يكلف نفسا إلا وسعها وقدرتها.
والله سبحانه يقول - أيضا -: {فاتقوا الله ما استطعتم} (¬2).
فلو فرضنا أن الخروج المشار إليه على هذا الحاكم واجب، فإنه لا يجب علينا ونحن لا نستطيع إزاحته، فالأمر واضح، ولكنه الهوى يهوي بصاحبه (¬3).
وقال رحمه الله عن حال الناس بالنسبة لولاتهم:
" ... فإن بعض الناس ديدنه في كل مجلس يجلسه؛ الكلام في ولاة الأمور، والوقوع في أعراضهم، ونشر مساوئهم وأخطائهم، معرضا بذلك عما لهم من محاسن أو صواب، ولا ريب أن سلوك هذا الطريق والوقوع في أعراض الولاة لا يزيد الأمر إلا شدة فإنه لا يحل مشكلا ولا يرفع مظلمة، وإنما يزيد البلاء بلاء، ويوجب بغض الولاة وكراهتهم وعدم تنفيذ أوامرهم التي يجب طاعتهم فيها، ولا نشك أن ولاة الأمر قد يسئيون وقد يخطئون كغيرهم من بني آدم؛ فإن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون، ولا نشك أيضا أنه لا يجوز لنا أن نسكت على أي إنسان ارتكب خطأ حتى نبذل ما نستطيعه من واجب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فإذا كان كذلك؛ فإن الواجب علينا إذا رأينا خطأ من
¬_________
(¬1) سورة البقرة، الآية (286).
(¬2) سورة التغابن، الآية (16).
(¬3) فتنة التكفير ص (37).

الصفحة 110