كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

وفي الحديث: (إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم) (¬1).
وأولى من يقوم بالنصيحة لولاة الأمور: هم العلماء وأصحاب الرأي والمشورة، وأهل الحل والعقد، قال تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه} [النساء: آية 83].
فليس كل أحد من الناس يصلح لهذا الأمر، وليس الترويج للأخطاء والتشهير بها من النصيحة في شيء، ولا هو من منهج السلف الصالح، وإن كان قصد صاحبها حسنا وطيبا، وهو إنكار المنكر بزعمه، لكن ما فعله أشد منكرا مما أنكره، وقد يكون إنكار المنكر منكرا، إذا كان على غير الطريقة التي شرعها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو منكر، لأنه لم يتبع طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعية التي رسمها، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) (¬2).
فجعل الرسول صلى الله عليه وسلم الناس على ثلاثة أقسام:
منهم من يستطيع أن يزيل المنكر بيده؛ وهو صاحب السلطة؛ ولي
¬_________
(¬1) رواه ابن حبان في " الصحيح " (3388).
(¬2) رواه مسلم (49) ومالك في " الموطأ " (2/ 990) وأحمد في " المسند " (2/ 367) وأبو عوانة في " المسند " (6385) والبيهقي (8/ 163).

الصفحة 124