كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

بغير علم، وحذر عباده منها، وبين أنها من أمر الشيطان، قال تعالى: {يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} ويقول سبحانه: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم} ويقول جل وعلا: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئا» متفق عليه (¬1).
ومن صدر منه مثل هذه الفتاوى أو الآراء التي تسوغ هذا الإجرام؛ فإن على ولي الأمر إحالته إلى القضاء، ليجري نحوه ما يقتضيه الشرع؛ نصحا للأمة وإبراء للذمة وحماية للدين، وعلى من آتاه الله العلم التحذير من الأقاويل الباطلة، وبيان فسادها، وكشف زورها، ولا يخفى أن هذا من أهم الواجبات، وهو من النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ويعظم خطر تلك الفتاوى إذا كان المقصود بها زعزعة الأمن، وزرع الفتن والقلاقل، ومن القول في دين الله بالجهل والهوى، لأن ذلك استهداف للأغرار من الشباب ومن لا علم عنده بحقيقة هذه الفتاوى، والتدليس عليهم بحججها الواهية، والتمويه على عقولهم بمقاصدها الباطلة، وكل هذا شنيع وعظيم في دين الإسلام، ولا يرتضيه أحد من
¬_________
(¬1) أخرجه البخاري في "الصحيح" (6889) ومسلم في "الصحيح" (2674).

الصفحة 22