كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

الوجه الأول: أن الله سبحانه أمر بالعدل، وعلى العدل قامت السماوات والأرض، وبه أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، يقول الله سبحانه: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} [النحل: آية 90]، ويقول سبحانه: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز} [الحديد: آية 25].
وحكم الله ألا تحمل نفس إثم نفس أخرى، لكمال عدله سبحانه: {ألا تزر وازرة وزر أخرى} [النجم: آية 38].
الوجه الثاني: أن الله سبحانه حرم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرما، كما قال سبحانه في الحديث القدسي: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" (¬1).
وهذا عام لجميع عباد الله، مسلمهم وغير مسلمهم؛ لا يجوز لأحد منهم أن يظلم غيره، ولا ينبغي عليه ولو مع العداوة والبغضاء، يقول الله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [المائدة: آية 8] فالعداوة والبغضاء ليست مسوغا شرعيا للتعدي والظلم.
¬_________
(¬1) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، حديث رقم (6572).

الصفحة 52