كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

لا شك أن كل أمر فبقضاء الله جل وعلا قدره، ومع ذلك فأحكام الشريعة تستوعب كل حدث، والله جل وعلا أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين، وهو الحكم العدل، حرم الظلم على نفسه وجعله بينه وبين العباد محرما، وقد ثبت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه جل وعلا أنه قال سبحانه: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا» (¬1).
إن من الظلم أن يُعتدى على غير جان، وأن يقتل غير مجرم، والنبي عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة نبي الشفقة نبي الإحسان المبعوث إلى البشرية بل إلى الثقلين الجن والإنس أوضح المعالم، وكان في الغزو والجهاد والقتال إذا جهز السرية أوصاهم: "ألا يقتلوا وليدا ولا امرأة ولا هرما ولا متعبدا في صومعته" (¬2).
أي أن الإسلام لا يبيح قتل إلا من يقتل ويقاتل ويعتدي على المسلمين.
ولهذا فإن مثل هذه الجرائم التي تقع ولا تفرق بين رضيع وامرأة ومسن ومسنة ومريض وصحيح وتأتي على المال وأهل المال؛ أن هذا العمل يعد من الجرائم العظام، والفواحش الخطيرة، لأن هذا ينظر إليه في شريعة الإسلام بأنه من الفساد في الأرض، وإهلاك الحرث والنسل، وهذا
¬_________
(¬1) رواه مسلم في "صحيحه" (6572).
(¬2) الشطر الأول من الوصية أخرجها مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث .. حديث رقم (4522).

الصفحة 58