كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

والأرض، وإيقاع عقوبة جماعية لا تتفق بأي وجه من الوجوه مع ميزان العدل، ولا توضع إلا في كفة الظلم والعدوان الفاحش، لأن قتل فرد بريء لا ذنب له جرم عظيم، فكيف إذا كان الجرم واقعا على فئات عظيمة، وأعداد كبيرة، ورضع وأطفال ونساء حبالى، حتى ربما وضعت المرأة حملها من هول الفزع، كأنما قامت قيامة الساعة.
إن هذه المناظر المرعبة التي شوهدت من آثار ذلك الإجرام مناظر لا يقرها عقل مسلم، ولا يعتد بفعل من فعلها ولو كان نابتا منبتا إسلاميا في بلد إسلامي، العبرة بما يقوله أهل العلم، والعبرة بما تقرر في أحكام الشريعة الإسلامية في أمثال هذه الجرائم من الجرائم الخطيرة.
والمملكة العربية السعودية عندما نظرت في يوم من الأيام أمر اختطاف الطائرات قبل أن يختطف للسعودية أي طائرة، قرر علماؤها تحريم هذا العمل، ولم يفرقوا بين اختطاف طائرة ركابها مسلمون وبين طائرة ركابها غير مسلمين (¬1)، بل رأوا أن الظلم أمر محرم، وأن العدوان على الناس وإرهابهم بغير حق من أعظم الفواحش في الأرض والفساد فيها.
في مثل هذه الأمور لا غرابة أن تعلن المملكة العربية السعودية استنكارها وعدم رضاها عن ما حدث، وعن من أحدث، لأن المملكة العربية السعودية مملكة إسلامية ولله الحمد، وبحق يحكمها نظام الإسلام، وتحكم شريعة الإسلام، وأصول عملها وأنظمتها مقيدة بأن لا تخالف
¬_________
(¬1) إشارة إلى قرار هيئة كبار العلماء السابق، ص8.

الصفحة 60