كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

الإسلام، فإذا استنكرت مثل هذا العمل فإنما تفعل ما تفعله من واقع دينها، ومن موقفها الإسلامي الذي تقف فيه، لأنها دولة الحرمين، وبلاد منبع الرسالة، فلا غرو أن تستنكر الفواحش، وأن تستهجن إجرام المجرمين، وأن تندد بإيواء كل مرتكب للإجرام، أو يرضى بجرمه.
إن الإنسان المسلم العارف مقاصد الشرع، العالم بما تنطوي عليه الشريعة الإسلامية من الشفقة والرحمة لعباد الله، يرى أن هذه الأعمال من أخبث الأعمال وأشدها ضررا على بني الإنسان.
ومما طرح علي من الأسئلة وهي كثيرة، قبل أن أقبل بأن أتكلم، ولكن تحت ضغط كثرة الأسئلة والرغبات في أن أتحدث، ويعرف موقف القضاء في المملكة العربية السعودية، ولأن يتكلم من هو في قمة مسئولية القضاء؛ رأيت أن أبدأ وأبين: أن هذا العمل هو عمل منكر، ولكن الحقيقة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «لا يجني جان إلا على نفسه» (¬1) أي أن إجرام المجرم أو عبث عابث لا يصح أن يشغل غيره، ومما قيل لي وقد سألتني إحدى الصحف قبل هذا الموقف أمام هذه الكاميرا وبينت أن هذا العمل الفظيع عمل لا يقر، كما أن هذا العمل الفظيع لا يمكن أن يولد إلا بغضا أو حقدا وانتقاما على المسلمين؛ الذين لم يرضوا ولم يقروا هذا العمل أو يحمدوه، لأن مقتضى العدل ونواميس العقل تستلزم أن لا يؤخذ أحد إلا بذنبه، وأن لا يحاسب إنسان أو جماعة على ذنوب غيرها، لأنه كما
¬_________
(¬1) رواه الترمذي في كتاب الفتن، باب تحريم الدماء والأموال، حديث رقم (2159)، وابن ماجه في كتاب الديات، باب لا يجني أحد على أحد، حديث رقم (3659).

الصفحة 61