كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

سنة من إمام جائر؛ أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان" (¬1) والتجربة تبين ذلك.
ولهذا كان السلف؛ كالفضيل بن عياض، وأحمد بن حنبل، وغيرهم يقولون: "لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان" إلى أن قال: فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات. وإنما يفسد فيها حال أكثر الناس لابتغاء الرياسة والمال" (¬2) انتهى.
وقال ابن رجب رحمه الله في "شرح الأربعين":
"وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم، وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم؛ كما قال علي أبي طالب رضي الله عنه: "إن الناس لا يصلحهم إلا إمام بر أو فاجر، إن كان فاجرا عبد المؤمن فيه ربه، وحمل الفاجر فيها إلى أجله".
وقال الحسن في الأمراء: "وهم يلون من أمورنا خمسا: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود، والله لا يستقيم الدين إلا بهم؛ وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم
¬_________
(¬1) رواه الترمذي في "السنن" (1707) وابن أبي شيبة في "المصنف" (33717) وعبد الرزاق في "المصنف" (3788) وأحمد في "المسند" (1/ 131، 409) (5/ 66).
(¬2) "مجموع الفتاوى" (28/ 390).

الصفحة 78