كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

جاهلية" (¬1). وقال صلى الله عليه وسلم: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة» (¬2).
وسأله الصحابة لما ذكر أنه سيكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم" (¬3).
قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه: «دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه؛ فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السمع والطاعة؛ في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» (¬4).
فهذا يدل على أنهم لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور ولا الخروج عليهم؛ إلا أن يروا كفرا بواحا؛ عندهم من الله فيه برهان، وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فسادا كبيرا وشرا عظيما، فيختل به الأمن، وتضيع الحقوق، ولا يتيسر ردع الظالم ولا نصر المظلوم، وتختل السبل ولا تأمن، فيترتب على الخروج على ولاة الأمر فساد عظيم وشر كبير، إلا إذا رأى المسلمون كفرا بواحا عندهم من الله فيه برهان، فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان لإزالته إذا كان عندهم قدرة. أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا، أو كان الخروج يسبب شرا أكثر؛ فليس لهم الخروج، رعاية للمصالح العامة، والقاعدة الشرعية المجمع عليها "أنه لا
¬_________
(¬1) رواه أحمد (2/ 296) ومسلم (1847) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(¬2) رواه مسلم (1839)، والنسائي (7/ 160) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(¬3) رواه البخاري (7052)، ومسلم (1843) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(¬4) رواه البخاري (7056) ومسلم (1709).

الصفحة 93