كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

يقعوا فيما يخالف الشرع، كما وقعت الخوارج والمعتزلة، حملهم حب نصر الحق أو الغيرة للحق، حملهم ذلك على أن يقعوا في الباطل حتى كفروا المسلمين بالمعاصي، أو خلدوهم في النار بالمعاصي كما تفعل المعتزلة.
فالخوارج كفروا بالمعاصي وخلدوا العصاة في النار، والمعتزلة وافقوهم في العاقبة وأنهم في النار مخلدون فيها، ولكن قالوا: إنهم في الدنيا في منزلة بين المنزلتين، وكله ضلال.
والذي عليه أهل السنة هو الحق؛ أن العاصي لا يكفر بمعصيته ما لم يستحلها، فإذا زنا لا يكفر، وإذا سرق لا يكفر، وإذا شرب الخمر لا يكفر، ولكن يكون عاصيا ضعيف الإيمان فاسقا، تقام عليه الحدود، ولا يكفر بذلك؛ إلا إذا استحل المعصية وقال: إنها حلال، وما قاله الخوارج في هذا باطل، وتكفيرهم للناس باطل، ولهذا قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إنهم يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون فيه» (¬1). "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان" (¬2). هذه حال الخوارج بسبب غلوهم وجهلهم وضلالهم. فلا يليق بالشباب ولا غير الشباب أن يقلدوا الخوارج والمعتزلة، بل يجب أن يسيروا على مذهب أهل السنة والجماعة على مقتضى الأدلة الشرعية، فيقفون مع النصوص كما جاءت، وليس لهم الخروج على السلطان من أجل معصية أو معاص وقعت منه، بل عليهم المناصحة بالمكاتبة
¬_________
(¬1) بعض حديث أخرجه مسلم (1067) وابن ماجه (1/ 170).
(¬2) رواه البخاري (3344)، ومسلم (1064)، وأبو داود (4764)، والنسائي (5/ 87).

الصفحة 95