كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

الجواب: ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر، لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به؛ حتى يوجه إلى الخير، وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل؛ فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر أن فلانا يفعلها، لا حاكم ولا غير حاكم، ولما وقعت الفتنة في عهد عثمان رضي الله عنه قال بعض الناس لأسامة بن زيد رضي الله عنه: "ألا تكلم عثمان"؟ فقال: "إنكم ترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم، إني لأكلمه فيما بيني وبينه دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من افتتحه" (¬1).
ولما فتحوا الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة؛ تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم، حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية، وقتل عثمان بأسباب ذلك، وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني؛ وذكر العيوب علنا، حتى أبغض الناس ولي أمرهم؛ وقتلوه، نسأل الله العافية (¬2).
سؤال: ما المراد بطاعة ولاة الأمر في الآية، هل هم العلماء أم الحكام ولو كانوا ظالمين لأنفسهم ولشعوبهم؟.
¬_________
(¬1) مسند الإمام أحمد حديث رقم (547).
(¬2) "وجوب طاعة السلطان" (ص42).

الصفحة 98