كتاب فتاوى الأئمة في النوازل المدلهمة

الجواب: يقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا} وأولو الأمر هم: العلماء والأمراء، أمراء المسلمين وعلماؤهم، يطاعون في طاعة الله؛ إذا أمروا بطاعة الله، وليس في معصية الله.
فالعلماء والأمراء يطاعون في المعروف؛ لأن بهذا تستقيم الأحوال، ويحصل الأمن، وتنفذ الأوامر، وينصف المظلوم، ويردع الظالم.
أما إذا لم يطاعوا فسدت الأمور، وأكل القوي الضعيف، فالواجب أن يطاعوا في طاعة الله؛ في المعروف، سواء كانوا أمراء أو علماء: العالم يبين حكم الله، والأمير ينفذ حكم الله، هذا هو الصواب في أولي الأمر؛ هم العلماء بالله وبشرعه، وهم أمراء المسلمين؛ عليهم أن ينفذوا أمر الله، وعلى الرعية أن تسمع لعلمائها في الحق، وأن تسمع لأمرائها في المعروف، أما إذا أمروا بمعصية -سواء كان الآمر أميرا أو عالما- فإنهم لا يطاعون في ذلك؛ إذا قال لك أمير: اشرب الخمر، فلا تشربها، أو إذا قال لك: كل الربا، فلا تأكله، وهكذا مع العالم؛ إذا أمرك بمعصية الله فلا تطعه، والتقي لا يأمر بذلك، لكن قد يأمر بذلك العالم الفاسق.
والمقصود: أنه إذا أمرك العالم أو الأمير بشيء من معاصي الله فلا تطعه في معاصي الله، وإنما الطاعة في المعروف؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» (¬1) ولكن لا يجوز الخروج على الأئمة
¬_________
(¬1) رواه الترمذي في "السنن" (1707) وابن أبي شيبة في "المصنف" (33717) وعبد الرزاق في "المصنف" (3788) وأحمد في "المسند" (1/ 131، 409) (5/ 66).

الصفحة 99