كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

أَن أصُول الْفِقْه وَنَحْوه نفس الْقَوَاعِد فَإِن الْعلم الْمُتَعَلّق بهَا الْحَال بقلب زيد لَيْسَ هُوَ حَقِيقَة الْأُصُول كَمَا تَقوله فِي سَائِر الْحَقَائِق فَلَيْسَ السَّيْف الْعلم بالحديد الْمَخْصُوص بل نَفسه فعلى هَذَا لَا يتَحَقَّق الْوُجُود الْخَارِجِي لهَذِهِ الْحَقَائِق المحدودة كَمَا هُوَ شَأْن سَائِر الماهيات لَكِن هَذِه لَيْسَ لَهَا جُزْء خارجي كَمَا لماهية الْفرس مثلا لِأَنَّهَا أشخاص ومسمى أصُول الْفِقْه مثلا مَجْمُوع قَوَاعِد بِمَنْزِلَة مائَة وَألف وَكَون الْأَمر للْوُجُوب وَالنَّهْي للحصر مثلا كأفراد الْمِائَة وَالْألف مثلا جُزْء لمسمى جزئي ذَلِك اللقب ومسمى اللقب الملتئم من أَجزَاء كلهَا عقلية عَقْلِي انْتهى وَهُوَ كَلَام حسن هَذَا
وَأما حَده مُضَافا فِي الِاصْطِلَاح فَالْأَصْل الدَّلِيل وَالْفِقْه فِيهِ الْعلم أَو الظَّن للْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية عَن أدلتها التفصيلية وَقد اسْتُفِيدَ من الْقُيُود خُرُوج الْعلم بِغَيْر الْأَحْكَام كالذوات وَالصِّفَات وَالْأَحْكَام الَّتِي لم تُؤْخَذ من الشَّرْع بل من الْعقل كَالْعلمِ بِأَن الْعَالم حَادث أَو من الْحس كَالْعلمِ بِأَن النَّار محرقة أَو من الْوَضع والاصطلاح كَالْعلمِ بِأَن الْفَاعِل مَرْفُوع وَخرج الْعلم بِالْأَحْكَامِ النظرية الشَّرْعِيَّة اعتقادية أَو أصولية مثل الْإِيمَان وَاجِب وَالْإِجْمَاع حجَّة أصولية وَخرج بقوله عَن أدلتها التفصيلية علم الْمُقَلّد على القَوْل بِأَنَّهُ يُسمى علما وَذَلِكَ لِأَن حرف الْجَرّ مُتَعَلق بِمَحْذُوف صفة للْعلم أَي الْعلم الْحَاصِل عَن الْأَدِلَّة وَعلمه غير حَاصِل عَنْهَا فَلِذَا لَا تسمى أَقْوَال المفرعين الْمُجَرَّدَة عَن الْأَدِلَّة فقها كَمَا حقق فِي مَحَله
وَاعْلَم أَنه قد سبقت إِشَارَة إجمالية إِلَى مَوْضُوع هَذَا الْفَنّ وَهُوَ ان مَوْضُوعه الْأَدِلَّة السمعية الْكُلية وَهِي مَا عرفت الْكتاب الْعَزِيز وَالسّنة

الصفحة 28