كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

عرف أخرجه عَن مَعْنَاهُ بقوله
وَهُوَ الَّذِي يُمكن أَن يستخرجا
أَحْكَام شرع ربه مستنتجا ... لَهَا من الادلة المفصلة
وَعِنْده معرفَة مكملة
أَي أَن الْفَقِيه المُرَاد بِهِ من يُمكنهُ استنباط الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة من الْأَدِلَّة التفصيلية وَقد عرفت من رسم أصُول الْفِقْه التَّفْرِقَة بَين الْأَدِلَّة المجملة والمفصلة
وَقَوله الَّذِي يُمكن يُرَاد بِهِ من عِنْده ملكة وقدرة يسْتَخْرج بهَا الحكم من الدَّلِيل وَإِن لم يحصل مِنْهُ ذَلِك فَلَيْسَ الِاجْتِهَاد هُوَ اسْتِخْرَاج الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة بِالْفِعْلِ فَلَا يرد الْإِشْكَال الْمَعْرُوف أَنه لَا يُحِيط الْفَقِيه بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة وَلذَا ثَبت لَا أَدْرِي عَن أَئِمَّة مجتهدين لِأَن المُرَاد فِي الْحَال وَلَو بحثت لاستخرجت الحكم المسؤول عَنهُ وَتقدم هَذَا
وَقَوله أَحْكَام شرع ربه لإِخْرَاج الْأَحْكَام الْعَقْلِيَّة والحسية وَلما قدم قَوْله ظنا لحكم الشَّرْع اسْتغنى عَن تَقْيِيد الْأَحْكَام بالفرعية لِأَنَّهَا الظنية
وَقَوله عِنْده معرفَة إِلَى آخِره بَيَان لما هُوَ شَرط لحُصُول إِمْكَان الاستخراج وَأَنه لَا يتَمَكَّن مِنْهُ إِلَّا من لَهُ معرفَة بِمَا ذكر من قَوْله
جَامِعَة للنحو وَالْأُصُول
وَالذكر ثمَّ سنة الرَّسُول
فالفقيه الْمَوْصُوف هُوَ من جمع معرفَة النَّحْو وَالْأُصُول وَالْقُرْآن وَالسّنة
الأول معرفَة النَّحْو بأقسامه من إِعْرَاب وتصريف لِأَن خطاب الشَّارِع عَرَبِيّ يَتَرَتَّب معرفَة مَعَانِيه على معرفَة تراكيبه وَلَا ريب أَن كثيرا مِنْهَا لَا تتمّ معرفَة مَعْنَاهُ إِلَّا بِمَعْرِِفَة إعرابه وَيَكْفِي من ذَلِك معرفَة مُقَدّمَة ابْن الْحَاجِب وَأحد شروحها للذكي ومقدمته فِي التصريف أَو أخصر مِنْهَا فَفِيهَا مَا يسْتَغْنى عَنهُ

الصفحة 383