كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

مَعَانِيهَا ولغتها فَهِيَ مرجع للمجتهد وَأما من قَالَ إِنَّه يَكْفِي سنَن أبي دَاوُد وَنَحْوه فقصور وتقصير وتساهل كثير وَقَالَ بعض الْأَئِمَّة يَكْفِي الْمُجْتَهد من علم السّنة تَلْخِيص الحبير لِابْنِ حجر قلت من يُرِيد الِاجْتِهَاد فِيمَا ينوبه وَيتَعَلَّق بتكاليفه فَنعم يَكْفِيهِ ذَلِك وَمن يُرِيد الْفَتْوَى والتصدي للتدريس وَغَيره فَلَا يَكْفِيهِ ثمَّ هَذ مَبْنِيّ على أَن قبُول تَصْحِيح الْأَئِمَّة وتضعيفهم للرواة اجْتِهَاد لِأَنَّهُ من بَاب قَول أَخْبَار الْآحَاد وَقد ألفنا رِسَالَة فِي هَذَا وَهِي الْمُسَمَّاة إرشاد النقاد إِلَى تيسير الِاجْتِهَاد فِيهَا تَحْقِيق بَالغ وَبَيَان لسُهُولَة الِاجْتِهَاد قَوْله ... وَمَا عَلَيْهِ الْعلمَاء أَجمعُوا ... هَذَا ونختار ولسنا نقطع ...

عطف على قَوْله للنحو إِلَى آخِره أَي وجامعة لمعْرِفَة مسَائِل الْإِجْمَاع حَتَّى لَا تخفاه مواقعه حَتَّى يحصل لَهُ الظَّن أَن الَّذِي قَالَه غير مُخَالف لما أجمع عَلَيْهِ الْعلمَاء وَصرح بِهِ فِي الْفُصُول وَهَذَا هُوَ أَهْون الشُّرُوط إِذْ قد قدمنَا لَك أَنه لَا يتَحَقَّق الْإِجْمَاع إِلَّا فِي الضروريات وَقد ألف فِيهَا جمَاعَة من الْأَئِمَّة كَابْن حزم وَابْن هُبَيْرَة والريمي
وَاعْلَم أَنه قد دخل شَرط معرفَة الروَاة جرحا وتعديلا فِي معرفَة السّنة وَقَالَ فِي الْحَاوِي رَابِعهَا الْعلم بأحوال الروَاة ونقلة الْأَحَادِيث وَمن يكون مِنْهُم مَقْبُولًا وَمن يكن غير مقوبلا فَلَا بُد من الْعلم بذلك ليَكُون مُتَمَكنًا من تَرْجِيح الْأَخْبَار بَعْضهَا على بعض وَيعرف طرق الْإِسْنَاد وَهَذَا أَمر مُهِمّ لِأَن الوسائط قد كثرت وخاصة فِي هَذِه الْأَزْمِنَة فَلَا بُد من معرفَة صحيحها وفاسدها وقويها وضعيفها وَمِقْدَار مَا يعرف من ذَلِك أَن يعرف كَون الرَّاوِي عدلا ضابطا وَلَا يلْزم أَن يكون محيطا بسيرهم وأحوالهم وأخبارهم وأنسابهم بل يَكْفِي مَا ذكرنَا قَالَ نعم لَا يمْتَنع فِي زمننا لِكَثْرَة الوسائط وتطاول الْأَزْمِنَة أَن يكون الْعلم بأحوال الروَاة متعذرا وَإِذا كَانَ الْأَمر كَمَا قُلْنَا دَار التعويل فِي ذَلِك على نَقله الحَدِيث والاكتفاء بتعديلهم كالبخاري وَمُسلم

الصفحة 385