كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهم من شُيُوخ الحَدِيث فَإِن الظَّن يغلب بِصدق مَا نقلوه فَلهَذَا جَازَ التعويل عَلَيْهِ انْتهى
وَقد قدمنَا لَك أَنا قد أوضحنا ذَلِك فِي رسالتنا إرشاد النقاد قبل معرفَة كَلَام الْحَاوِي بأعوام وَأما الْمهْدي فَقَالَ فِي مُقَدّمَة الحبر بِأَنَّهُ لَا يشْتَرط فِي معرفَة الروَاة جرحا وتعديلا وَمثله فِي الْفُصُول قَالَ لِأَن قبُول الْمَرَاسِيل قد استلزم سُقُوط ذَلِك قلت لَا يخفى ضعف هَذَا القَوْل بل بُطْلَانه ثمَّ اعْلَم أَنه لَيْسَ كل من حوى مَا ذكر من شَرَائِط الِاجْتِهَاد يَتَأَتَّى مِنْهُ استنباط الْأَحْكَام بل ذَلِك موهبة من الله تَعَالَى يَهَبهَا لمن يَشَاء من عباده وَإِلَّا فكم من عَالم بالنحو يدرس فِي فنونه لايقيم لِسَانه وَلَا يُمكنهُ تطبيق مَسْأَلَة على الْقَوَاعِد وَبينا ذَلِك فِي الرسَالَة الْمَذْكُورَة نعم قَوْله ونختار ولسنا نقطع هُوَ مُتَعَلق بقوله
بِأَنَّهُ يجوز عِنْد الْعقل
بِالِاجْتِهَادِ حكم خير الرُّسُل ... لَا بالوقوع فَالْخِلَاف فِيهِ
وَالْحق لَا يخفى على النبيه
الْإِشَارَة إِلَى مَسْأَلَة اجْتِهَاده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَل يجوز عقلا أم لَا وَهل وَقع حكمه بِهِ أم لَا فهما مَسْأَلَتَانِ
أم جَوَازه عقلا لَا على جِهَة الْقطع كَمَا قَالَ ولسنا نقطع فَقَالَ الْجُمْهُور إِنَّه يجوز عقلا أَن يُؤذن لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يَأْخُذ الحكم من الأمارات الشَّرْعِيَّة وَيكون مخبرا عَن الله تَعَالَى بِالنّظرِ إِلَى اعْتِقَاده وَلَا مَانع عَنهُ
وَالْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَنه لَا خلاف فِي وُقُوع الاجتهادات مِنْهُ فِي الْحَرْب والآراء إِنَّمَا الْخلاف فِي وُقُوع الِاجْتِهَاد مِنْهُ فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة
فَقَالَ الْجُمْهُور إِنَّه وَاقع مِنْهُ ذَلِك وَاسْتَدَلُّوا على الْوُقُوع بقوله تَعَالَى {عَفا الله عَنْك لم أَذِنت لَهُم} وَبِقَوْلِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

الصفحة 386