كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

الْعلية كالحياة وَالْعلم وَالْقُدْرَة فَهَذِهِ لَا يتَوَقَّف إِثْبَاتهَا على السّمع وَالْحق فِيهَا مَعَ وَاحِد والمخالف فِيهَا كَافِر إِن اقْتضى خِلَافه إِنْكَار الصَّانِع وَتَكْذيب الرُّسُل
وقطعية سمعية وَهِي إِمَّا مَعْلُومَة من ضَرُورَة الدّين كأركان الْإِسْلَام الْخَمْسَة وَهَذِه الْمُخَالف فِيهَا كَافِر لِأَنَّهُ يلْزم من ذَلِك تَكْذِيب الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما علم من ضَرُورَة الدّين وَقد نقل عَن الجاحظ أَنه لَا إِثْم فِي القطعيات على الْمُجْتَهد وحكوا ذَلِك على جِهَة التَّعْمِيم يَعْنِي وَلَو كَانَ كَافِرًا ونقلوا عَن الْعَنْبَري أَنه قَالَ ذَلِك وَزَاد أَنه مُصِيب وَلَو كَانَ كَافِرًا
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن تَيْمِية فِي منهاج السّنة وَأما القطعيات فأكثرهم يؤثم المخطىء فِيهَا وَيَقُول إِن السّمع قد دلّ على ذَلِك وَمِنْهُم من لَا يؤثمه وَالْقَوْل المحكي عَن عبد الله بن الْحسن الْعَنْبَري هَذَا مَعْنَاهُ أَنه كَانَ لَا يؤثم المخطىء من الْمُجْتَهدين من هَذِه الْأمة لَا فِي الْأُصُول وَلَا فِي الْفُرُوع وَأنكر جُمْهُور الطَّائِفَتَيْنِ من أهل الْكَلَام والرأي عَلَيْهِ هَذَا القَوْل وَأما غير هَؤُلَاءِ فَيَقُول هَذَا قَول السّلف وأئمة الْفَتْوَى كَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالثَّوْري وَدَاوُد بن عَليّ وَغَيرهم لَا يؤثمون مُجْتَهدا مخطئا لَا فِي الْمسَائِل الْأُصُولِيَّة لَا الفرعية كَمَا ذكر ذَلِك عَنْهُم ابْن حزم وَغَيره وَقَالُوا هَذَا القَوْل الْمَعْرُوف عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان وأئمة الدّين أَنهم لَا يكفرون وَلَا يفسقون وَلَا يؤثمون أحدا من الْمُجْتَهدين لَا فِي مسَائِل علمية وَلَا عملية
قَالُوا والفروق بَين مسَائِل الْأُصُول وَالْفُرُوع كَمَا لم يدل عَلَيْهَا كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع فَهِيَ كلهَا بَاطِلَة عقلا وَلم يفرقُوا بفرق صَحِيح بَين

الصفحة 389