كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

ذكرهَا قَالُوا قَالَ تَعَالَى {مَا قطعْتُمْ من لينَة أَو تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَة على أُصُولهَا فبإذن الله} فدلت الْآيَة على أَن الْقطع وَعَدَمه حكم الله وَإِلَّا لما كَانَ بِإِذن الله قَالَ الْمهْدي وَهُوَ أقوى مَا يسْتَدلّ بِهِ من السّمع
قلت وَلَا يخفى أَن الْآيَة لَيست من مَحل النزاع فِي وُرُود وَلَا صُدُور لِأَنَّهُ تَعَالَى أخبر فِيهَا أَن الَّذِي وَقع من الْقطع وَعَدَمه كَانَ بِإِذن الله وَلَا شكّ أَنه تَعَالَى أخر فِيهَا أَن الَّذِي وَقع من الْقطع وَعَدَمه كَانَ بِإِذن الله وَلَا شكّ أَنه تَعَالَى قد أذن فِي الِاجْتِهَاد فَهُوَ إِعْلَام بِأَن هَذَا الِاجْتِهَاد الَّذِي وَقع من كل بنقيض اجْتِهَاد الآخر كُله بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ أذن لكم فِي الِاجْتِهَاد فَأَيْنَ الدّلَالَة فِي هَذَا على أَنهم أَصَابُوا يَوْمًا فِي نفس الْأَمر بل الْآيَة دَلِيل أَن الْمُجْتَهد مَأْذُون لَهُ فِي الِاجْتِهَاد وَإِن خايت مَا فِي نفس الْأَمر بَيَانه أَنه أخبر تَعَالَى عَن كَونه أذن فِي الْأَمريْنِ النقيضين وَمَعْلُوم أَنَّهُمَا ليسَا هما الْحق فِي نفس الْأَمر بل لَيْسَ فِيهِ إِلَّا حكم وَاحِد وَالْحق فِي أَحدهمَا ضَرُورَة أَنه لَا ثَالِث وَقد أُصِيب ضَرُورَة أَنه قد قَالَ كل فريق بِأَحَدِهِمَا فَدلَّ على أَن الْمُجْتَهد المخطىء مَأْذُون لَهُ وَإِن أَخطَأ
قَالُوا قَالَ تَعَالَى {وَدَاوُد وَسليمَان إِذْ يحكمان فِي الْحَرْث} الْآيَة إِلَى قَوْله {وكلا آتَيْنَا حكما وعلما} فدلت على أَنه تَعَالَى أعْطى كل وَاحِد مِنْهُمَا علما وَحكما وَمَا أعطَاهُ من الحكم هُوَ عين الصَّوَاب وَهُوَ الْمَطْلُوب
وَأجِيب بِأَنا لَا نسلم أَن الحكم وَالْعلم الَّذِي آتاهما الله كَانَ فِي عين ذَلِك الحكم الْمعِين الَّذِي هُوَ مَحل النزاع كَمَا يرشد إِلَيْهِ تَخْصِيص سُلَيْمَان بتفهيم الله إِيَّاه فَإِنَّهُ يدل على مَا نريده وَهُوَ أَن مَا وَقع من سُلَيْمَان هُوَ حكم الله تَعَالَى وَإِلَّا لما كَانَ لَهُ فَائِدَة

الصفحة 392