كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

كل مُجْتَهد بِوَاحِد مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ أَحْمد بن حَنْبَل ترى أَتْبَاعه يَقُولُونَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَة قَولَانِ أَو ثَلَاثَة وَهَذَا يدل على كَمَال معرفَة الْعَالم وعَلى منصبه فِي الدّين وَالْعلم أما الْعلم فَلِأَن من كَانَ أغوص فكرا وأدق نظرا وَأكْثر إحاطة بالأصول وَالْفُرُوع وَأتم وقوفا على شَرَائِط الْأَدِلَّة كَانَت الإشكالات لَدَيْهِ أَكثر وَأما المقتصر على الْوَجْه الْوَاحِد طول عمره فَحَيْثُ لَا تردد لَهُ وَلَا إِعَادَة نظر فَإِنَّهُ يدل على قصوره فِي الْعلم وَأما الدّين لِأَنَّهُ لما لم يظْهر لَهُ وَجه الرجحان لم يستح من الِاعْتِرَاف بِعَدَمِ الْعلم وَلم يشْتَغل بترويج مَا قَالَه أَولا ويداهن فِي الدّين ... وَيعرف الْمَذْهَب بِالنَّصِّ على ... معِين أَو بِعُمُوم شملا ...

هَذَا بَيَان مَا يعرف بِهِ مَذْهَب الْعَالم وَهُوَ بِأحد أَمريْن إِمَّا بنصه على أَن حكم هَذِه الْمَسْأَلَة عِنْدِي كَذَا نَحْو الْوتر عِنْدِي سنة وَلَا أرَاهُ وَاجِبا أَو يَأْتِي بِلَفْظ عَام تدخل تَحْتَهُ أَفْرَاد فَحكمهَا حكمه كَأَن يَقُول كل مَكِيل فَإِنَّهُ يجْرِي عِنْدِي فِيهِ الرِّبَا فَيعلم شُمُوله لكل مَكِيل ... أَو أَنه نَص على الْمُمَاثلَة ... لتِلْك أَو عِلّة حكم شامله ...

أَو يعرف مذْهبه بنصه على أَن هَذِه الْمَسْأَلَة مثل الْمَسْأَلَة الْفُلَانِيَّة كَأَن يَقُول مثلا الشُّفْعَة تثبت عِنْدِي لِجَار الدّكان فَيعرف ثُبُوتهَا عِنْده لِجَار الدَّار لعدم الْفَارِق بَين المتماثلين أَو ينص على عِلّة الحكم الشاملة لغير مَا نَص عَلَيْهِ كَأَن يَقُول يحرم التَّفَاضُل والنسا فِي الْبر لِاتِّفَاق الْجِنْس وَالتَّقْدِير فَإِنَّهُ يعرف أَن رَأْيه فِي الشّعير والذرة وأمثالهما تَحْرِيم التَّفَاضُل والنسا فِيهَا
وَقَول النَّاظِم أَو عِلّة حكم أَي أَو نَص على عِلّة الحكم ظَاهره أَنه لَا يدْخل أَخذ عِلّة الحكم من تَنْبِيه النَّص أَو إيمائه وَقد صرح الْمهْدي عَلَيْهِ

الصفحة 400