كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

وَيدل لَهُ أَنه خير الْقُرُون أَصْحَاب الْمُصْطَفى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهم أحرص النَّاس على فعل كل وَاجِب لم يؤمروا بذلك وَلَا أثر عَنْهُم ذَلِك وَلَو وَقع لنقل وعَلى الْجُمْلَة أَن الْعلم بِهِ تَعَالَى وبصفاته فطري وَالْعلم بِمَا دونوه وسموه أصُول الدّين وَقَالُوا يجب الْعلم بمسائله وَالنَّظَر فِي دلائله إِيجَاب بِلَا دَلِيل واصطلاح على مسَائِل أَكْثَرهَا فضول لَا أصُول وظنية بل وهمية وَأما مَا يتم بِهِ الْإِيمَان فَهُوَ فِي الْفطْرَة الخلقية والجبلة البشرية وَقد وسع الْبَحْث فِي غير هَذَا
وَمَا على الْأَخير مِنْهَا رتبا
يحرم لَا فِي غَيره فأوجبا ... على الَّذِي لم يجْتَهد ولازم
عَلَيْهِ أَن يعرف من يلازم ... عَن علمه يبْحَث والعداله
أَي أَنه يحرم التَّقْلِيد فِي عَمَلي يَتَرَتَّب على علمي الْأَخير فِي الْبَيْت الأول هِيَ الْمسَائِل العلمية وَقد مثلوها بالموالاة والمعاداة فَإِنَّهُمَا عمليان ترتبا على علمي وَهُوَ إِيمَان من يواليه وَالْكفْر أَو الْفسق لمن يعاديه والتكفير والتفسيق لَا يكون إِلَّا بقطعي لِأَنَّهُمَا إِضْرَار بِالْغَيْر فَلَا يجوز التَّقْلِيد فِيمَا تفرعا عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ الْمهْدي فِي الْمُقدمَة بقوله وَلَا فِي عَمَلي يَتَرَتَّب على علمي وَأورد عَلَيْهِ أَن الْأَحْكَام الفروعية كلهَا مترتبة على علمي وَهُوَ أصُول الْفِقْه بل كل ذَلِك مترتب على التَّوْحِيد وَصدق الرُّسُل فَمَا وَجه تَخْصِيص هَذِه الْمَسْأَلَة بِالْمَنْعِ من التَّقْلِيد دون غَيرهَا من الْمسَائِل الفروعية وَسَوَاء قُلْتُمْ إِن مسَائِل أصُول الْفِقْه كلهَا علمية كَمَا هُوَ مُقْتَضى منعكم أَن يُقَلّد فِيهَا أَو قُلْتُمْ بَعْضهَا علمي توجه الْإِيرَاد على مَا يتَفَرَّع على ذَلِك الْبَعْض وَهُوَ إِيرَاد لَا محيص عَنهُ وَقد أَطَالَ السَّيِّد مُحَمَّد الْمُفْتِي وتلميذه السَّيِّد الْحسن الْجلَال فِي شرحهما لتكملة الْأَحْكَام فِي هَذَا الْمقَام الْكَلَام فَإِنَّهُ ذكر الْمهْدي الْمَسْأَلَة فِيهَا لَكِن عبر عَنْهَا بِصِيغَة قيل كَأَنَّهُ قد تنبه للإيراد وَقَوله يحرم مُتَعَلق قَوْله وَمَا على الْأَخير
وَقَوله لَا فِي غَيره فأوجبا ضمير غَيره لما تقدم أَي لَا فِي غير مَا تقدم من الْمسَائِل الَّتِي حرم فِيهَا التَّقْلِيد وَهِي الْأُصُولِيَّة والعلمية والعملي الْمُتَرَتب

الصفحة 406