كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

أَي إِذا وَقع التَّعَارُض فِي القياسين فَإِنَّهُ يرجح مَا يكون حكم أَصله قَطْعِيا لقطعية الدَّلِيل وَإِن كَانَ كل من القياسين ظنيا من حَيْثُ الْإِلْحَاق إِلَّا أَنه يقوى الظَّن فِيمَا يكون حكم أَصله قَطْعِيا لقُوَّة الطَّرِيق فِي الْقيَاس ... أَو مَا يكون فِي الدَّلِيل أقوى ... فَإِنَّهُ مقدم بِالْأولَى ...

وَذَلِكَ بِأَن ثَبت الحكم فِي أحد الْأَصْلَيْنِ بطرِيق الْمَنْطُوق وَفِي الثَّانِي بِالْمَفْهُومِ أَو يكون ثَابتا فِي أَحدهمَا بِالنَّصِّ وَفِي الآخر بِالْعُمُومِ فَإِنَّهُ يقدم الْأَقْوَى لقُوَّة الظَّن وَهَذَا أَعم من الَّذِي قبله لِأَنَّهُ قد دخل تَحت قَوْله أَو مَا يكون فِي الدَّلِيل ... كَذَاك مَا لَا نسخ بِالْإِجْمَاع ... فِيهِ على ذِي الْخلف والنزاع ...

أَي يرجع مَا لَا ينْسَخ حكم أَصله بالِاتِّفَاقِ على مَا يكون حكم أَصله مُخْتَلفا فِي نسخه والأمثلة فِي المطولات وَهَذَا إِلَى هُنَا انْتهى الْقسم الأول
وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ مَا يكون التَّرْجِيح فِيهِ بِحَسب عِلّة حكم الأَصْل فَهُوَ أَنْوَاع من ذَلِك مَا أَفَادَهُ بقوله ... كَذَا الَّذِي تكون فِيهِ الْعلَّة ... أقوى لَهُ التَّقْدِيم عِنْد الجلة ...

أَي يرجح أحد القياسين مَا تكون علته أقوى على غَيره وتعرف قوتها بِأُمُور نبه النّظم عَلَيْهَا بقوله ... بِكَوْنِهَا مَوْجُودَة فِي الأَصْل ... لقُوَّة المسلك فِيهَا النقلي ...

أَي مَا يكون طَرِيقه الْعلَّة فِيهِ أقوى من طَرِيق الآخر وهوالمراد بقوله لقُوَّة المسلك أَي مَسْلَك وجودهَا ومثاله أَن يُقَال فِي الْوضُوء طَهَارَة حكمِيَّة فتفتقر إِلَى النِّيَّة كالتيمم مَعَ قَول الآخر طَهَارَة بمائع فَلَا تفْتَقر إِلَيْهَا كَغسْل النَّجَاسَة فيرجح الأول لقُوَّة طَرِيق وجود الْعلَّة فِيهِ وَهُوَ كَونهَا طَهَارَة حكمِيَّة

الصفحة 431