كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

.. وَمَا أَتَى مطردا منعكسا ... أولى وَمَا يطرد مِمَّا عكسا ...

أَشَارَ إِلَى شَيْئَيْنِ
الأول الْقيَاس ذُو الْوَصْف المطرد المنعكس أولى من الْمعَارض لَهُ إِذْ لم يكن وَصفه كَذَلِك لسلامته عَن الْمفْسدَة وَبعده عَن الْخلاف فيقوى الظَّن بِالْأولَى على غَيره مِثَاله قَول الشَّافِعِي فِي مسح الرَّأْس فرض فِي الْوضُوء فَيسنّ تثليثه كَغسْل الْوَجْه وَقَول الْحَنَفِيّ مسح تعبدي فِي الْوضُوء فَلَا يسن تثليثه كمسح الْخُف فَإِن عِلّة الأول مطردَة غير منعكسة لِأَن الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق ليسَا فرضا عِنْده وَيسن تثليثها وَعلة الثَّانِي مطردَة منعكسة إِذْ التَّعْلِيل وَاقع بِالْمَسْحِ
وَقَوله وَمَا يطرد مِمَّا عكسا هَذَا الثَّانِي من الشَّيْئَيْنِ أَي وَمَا يطرد أولى مِمَّا يعكس أَي أَنه يرجح الْقيَاس الَّذِي علته مطردَة على قِيَاس وَصفه منعكس غير مطرد مِثَاله قَول الشَّافِعِي فِي عدم عتق غير الْأُصُول والفصول قرَابَة لَا يحرم صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ فَلَا يعْتق كَابْن الْعم فَيَقُول الْحَنَفِيّ ذُو رحم محرم فَيعتق عَلَيْهِ كالأبوة فعلة الشَّافِعِي مطردَة وَلكنهَا غير منعكسة فَإِنَّهُ لَو ملكه كَافِرًا لم يعْتق عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا تحرم صرف الزَّكَاة إِلَيْهِ وَعلة الْحَنَفِيّ وَإِن كَانَت منعكسة فَهِيَ غير مطردَة لنقضها بِابْن الْعم الرَّضِيع
وَأما الْقسم الثَّالِث وَهُوَ التَّرْجِيح بِحَسب دَلِيل الْعلَّة فأنواع أَيْضا من ذَلِك مَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله

الصفحة 434