كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

من أَولهَا أَي الْأَرْبَعَة وَهُوَ الْحَقِيقِيّ مَا ركب من جنس الْمَحْدُود وفصله الْقَرِيب لَا مُطلق الْجِنْس والفصل وَلذَا قَيده بقوله أَعنِي الأقربا وَوصف الْفَصْل بِهِ وَذَلِكَ لِأَن الْمَقْصُود بِالْحَدِّ الْحَقِيقِيّ بَيَان حَقِيقَة الْمَحْدُود بِمَا يخْتَص بِهِ ومثاله الْمَعْرُوف حَيَوَان نَاطِق فِي حد الْإِنْسَان فالحيوان جنسه الْقَرِيب لِأَنَّهُ تَمام الْمُشْتَرك بَين الْإِنْسَان وَبَين غَيره فِي الجنسية فَيَقَع جَوَابا عَن الْمَاهِيّة وَعَن جَمِيع مَا يشاركها فَصله فقد سبق تَحْقِيق الكليات الْخمس فِي الْبَاب الثَّالِث وَظَاهر النّظم سَوَاء قدم الْجِنْس كَمَا مثل اَوْ الْفَصْل كَأَن يُقَال الْإِنْسَان نَاطِق حَيَوَان وَهُوَ رَأْي كثير من الْمُحَقِّقين لِأَن اجْتِمَاع الْجِنْس والفصل القريبين هُوَ المُرَاد الْمُبين للذات
وَقَوله وَهُوَ الْأَشْرَف أَي الْحَد الْحَقِيقِيّ التَّام أشرف الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة لكَونه يكْشف عَن الْمَحْدُود كشفا تَاما بِبَيَان ذاتياته
وَالْقسم الثَّانِي وَهُوَ الْحَد النَّاقِص بَينه قَوْله ... وناقص الْحَد الْحَقِيقِيّ غَدا ... يخْتَص بِالْفَصْلِ الْقَرِيب لَا سوى ...

أَي أَن الْحَد النَّاقِص مَا كَانَ بِالْفَصْلِ الْقَرِيب وَحده مثل الْإِنْسَان نَاطِق وَإِنَّمَا كَانَ نَاقِصا لوُقُوع الْخلَل فِي صُورَة الْحَد بِإِسْقَاط جنسه الْقَرِيب وَإِلَّا فالمحدود لَيْسَ بناقص لِأَن الْفَصْل الْقَرِيب مُسْتَلْزم للْجِنْس الْقَرِيب فقد أَفَادَ مَا هُوَ الْمَقْصُود بِالْحَدِّ وَهُوَ تصور حَقِيقَة الشَّيْء وتميزه عَمَّا عداهُ
وَلما كَانَ قد يُؤْتى مَعَ الْفَصْل الْقَرِيب بِالْجِنْسِ الْبعيد وَلكنه لَا يخرج بِهِ الْحَد عَن كَونه نَاقِصا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله ... وَقد يضم جنسه الْبعيد ... إِلَيْهِ لَكِن مَا لَهُ مزِيد ...

أَي قد يضم الْجِنْس الْبعيد إِلَى الْفَصْل الْقَرِيب بِالْحَدِّ النَّاقِص نَحْو الْإِنْسَان جسم نَاطِق وَلَا يُخرجهُ عَن كَونه حدا نَاقِصا وَلذَا قَالَ مَا لَهُ مزِيد أَي لَا يكمل بِهَذِهِ الزِّيَادَة

الصفحة 439