كتاب أصول الفقه إجابة السائل شرح بغية الآمل

بِالضَّرُورَةِ وكالمتضادين نَحْو السوَاد ضد الْبيَاض لتعلقهما مَعًا عَادَة وَالْحَد لَا بُد أَن يكون مَعْلُوما يُوصل إِلَى تصور مَجْهُول وَمَعَ تساويهما فِي الْجَلِيّ تضيع فَائِدَته وَلَا بُد من صيانته عَن الْمسَاوِي فِي الخفاء كتعريف الزرافة بحيوان يشبه جلده جلد النمر لمن لَا يعرف النمر إِذْ لَا يُفِيد تصور الْمَحْدُود
وَقَوله وَأَن يكون مَا بِهِ قد عرفا أَي يصان الْحَد عَن أَن يكون بِمَا يتَوَقَّف مَعْرفَته على معرفَة الْمَحْدُود للُزُوم الدّور سَوَاء كَانَ بمرتبة أَو أَكثر كَمَا يفِيدهُ قَوْله ... برتبة تكون أَو مَرَاتِب ...

أَي يكون التَّوَقُّف بمرتبة مثل تَعْرِيف الْكَيْفِيَّة بِمَا يَقع بِهِ المشابهة ثمَّ يُقَال والمشابهة اتِّفَاق الكيف أَو يكون بمرتبتين كتعريف الِاثْنَيْنِ بِأول عدد يَنْقَسِم بمتساويين ثمَّ تَعْرِيف المتساويين بالشيئين الْغَيْر المتفاضلين ثمَّ تَعْرِيف الشَّيْئَيْنِ بالاثنين أَو بِثَلَاث مَرَاتِب كتعريف الِاثْنَيْنِ بِالزَّوْجِ الأول وتعريف الزَّوْج الأول بالمنقسم بالمتساويين إِلَى آخر مَا تقدم وَإِنَّمَا لم يَصح هَذَا التَّعْرِيف التوقفي لما عرفت من أَنَّهَا لَا بُد أَن تكون معرفَة الْحَد مُتَقَدّمَة على معرفَة الْمَحْدُود وَلَو بِوَجْه عَام وَتوقف معرفَة أَحدهمَا على الآخر يُنَافِي ذَلِك ... وَمن غَرِيب اللَّفْظ للمخاطب ...

أَي وَلَا بُد من صيانته عَن إِيرَاده بِلَفْظ غَرِيب للمخاطب أَي لأجل إفادته الْمُخَاطب نَحْو النَّار جَوْهَر يشبه النَّفس وَنَحْو ذَلِك مِمَّا لَا يكون مَعْرُوفا عِنْد الْمُخَاطب إِلَّا مثل الْمجَاز الْمَشْهُور فشهرته تخرجه عَن الغرابة
هَذَا وَقد أُشير إِلَى أَنه يجْرِي التَّرْجِيح فِي الْحُدُود فأبانه بقوله ... وَقد جرى التَّرْجِيح فِي الْحُدُود ... سمعية تُفْضِي إِلَى الْمَقْصُود ...

أَي أَنه كَمَا يَقع التَّرْجِيح بَين الْأَدِلَّة يَقع بَين الْحُدُود وقيدها بالسمعية لِأَن الْعَقْلِيَّة لَا بحث للأصولي عَنْهَا وَمعنى أَنَّهَا سمعية أَنَّهَا وضعت لتصوير مَا اسْتُفِيدَ من الْأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة كَقَوْلِهِم الصَّلَاة عبَادَة ذَات أذكار

الصفحة 441