كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 1)

وبعضهم يعرّف المال بذكر أنواعه , قال ابن الأثير (¬1): "المال في الأصل: ما يُملك من الذهب، والفضة، ثمّ أطلق على كلّ ما يُقتنى، وُيملك من الأعيان، وأكثر ما يطلق المال عند العرب على الإبل , لأنّها كانت أكثر أموالهم" (¬2).
وقيل: "المال: كلّ ما يملكه الفرد، أو تملكه جماعة من متاع، أو عروض تجارة، أو عقار، أو نقود، أو حيوان , وجمعه أموال، وأطلق في الجاهلية على الإبل" (¬3).
هذا ما ذكره علماء اللُّغة، والذي يظهر أن تحديد مفهوم المال في اللُّغة إنّما هو راجع إلى عرف النَّاس في معاشهم بحسب ما يفهمون، ويألفون، والذي يدلُّ على ذلك ما يأتي؟
أوَّلًا: أن لفظة (مال) من الكلمات القديمة، والمشهورة في لغة العرب، فلا يعقل أن تترك كلّ هذه المدة دون أن يكون لها معنى، أو مفهوم واضح في حياة النَّاس، إذ المال قِوام الجماعة، وعصب حياتها.
ثانيًا: أن لفظة (مال) قد تكررت في الكتاب والسُّنَّة عشرات المرات، ولم يأت من الشارع تحديد مفهوم لها , فعُلِمَ من ذلك أنّه تركها لعرف النَّاس، وفهمهم،
¬__________
(¬1) هو المبارك بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم، أبو السعادات الشيباني مجد الدِّين ابن الأثير الجزري الموصلّي المحدث اللغوي المفسر، عرضت عليه الوزارة فرفضها، وعزف عن الدنيا، وأقبل على العلم، من مؤلفاته: النهاية في غريب الحديث، جامع الأصول في أحاديث الرسول، تجريد أسماء الصّحابة، وغيرها، توفي بالموصل سنة: 606 هـ: طبقات الشّافعيّة الكبرى لابن السبكي: 8/ 366، بغية الوعاة في تراجم النحاة للسيوطي: 2/ 274.
(¬2) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير الجزري: 4/ 373 طبع المكتبة الإسلامية.
(¬3) المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وجماعة: ص: 892 دار الدّعوة - تركيا.

الصفحة 27