كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 1)

مناقشة الاستدلال:
يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:
أن القياس على الصحيح لا يصح؛ لأنّ ذلك قياس على مسالة خلافية، ثمّ إنّه قد تقدّم أن الراجح جواز الاستنابة في حق الصحيح.

الدّليل الثاني: قالوا: إنَّ العبادات البدنية بعيدة عن قبول الاستنابة، وإنّما جوزنا ذلك في الفرض للضرورة (¬1).
مناقشة الاستدلال:
يمكن مناقشة هذا الدّليل بما يأتي:
أوَّلًا: لا نسلم لكم أن العبادات البدنية بعيدة عن قبول الاستنابة، بل تقبل النيابة، وقد تقدّم ذلك في أكثر من مبحث.
ثانيًا: أن الحجِّ ليس عبادة بدنية محضة، بل هو عبادة مركبة من المال، والبدن؛ ففارق العبادات البدنية بذلك (¬2).
ثالثًا: أن حج التطوع موسع فيه، بخلاف حج الفرض، فيجوز في التطوع ما لايجوز في الفرض، فلا يلزم من صحة الاستنابة في الفرض للضرورة منع ذلك في التطوع (¬3).

ثانيًا: أدلة أصحاب القول الأوّل:
استدل من أجاز الاستنابة في حج التطوع عن العاجز بما يأتي:

الدّليل الأوّل: قالوا: إنَّ الحجِّ عبادة تدخل النيابة في فرضها، فتدخل في نفلها؛ لأنّ كلّ عبادة جازت النيابة في فرضها جازت النيابة في نفلها كالصدقة (¬4).
¬__________
(¬1) فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي: 7/ 40، الحاوي للماوردي: 5/ 21.
(¬2) المبسوط للسرخسي: 4/ 152، المنتقى للباجي: 2/ 271.
(¬3) انظر: المبسوط للسرخسي: 4/ 152.
(¬4) المهذب للشيرازي: 1/ 199، فتح العزيز شرح الوجيز للرافعي: 7/ 40.

الصفحة 367