كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 1)

القول الثّالث: لا تجوز النيابة عن الميِّت في الحجِّ الواجب إذا لم يوص به، وهذا مذهب المالكية (¬1)، وبه قال بعض أهل العلم (¬2).

الأدلة والمناقشة:
أوَّلًا: أدلة القول الثّالث:
استدل من منع النيابة في الحجِّ الواجب عن الميِّت - إذا لم يوص - ببعض الأدلة منهاة

الدّليل الأوّل: قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97].
وجه الاستدلال:
أن الميِّت لا يستطيع سبيلًا إلى الحجِّ، لصدق قول من يقول: إنّه غير مستطيع بنفسه، فلا فرض عليه أصلًا حتّى تقع النيابة عنه (¬3).

مناقشة الاستدلال:
أوَّلًا: إنَّ النيابة عن الميِّت قد ثبتت بالنص كما سيأتي (¬4).
ثانيًا: إنَّ الميِّت، كان كان غير مستطيع بنفسه، إِلَّا أنّه مستطيع بماله، وبغيره فهو بهذا المعنى داخل في عموم الآية.

الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ الحجِّ شُرع لمصالح، ومقاصد عظيمة، ومن هذه المصالح: تأديب النفس بمقارفة الأوطان، وتهذيبها بالخروج عن المعتاد من المخيط، وغيره؛ ليذكر المعاد، والاندراج في الأكفان، وتعظيم شعائر الله تعالى في تلك
¬__________
(¬1) الشرح الصغير للدردير: 2/ 15، حاشية الدسوقي: 2/ 96، الذّخيرة للقرافي: 3/ 194، الفروق للقرافي: 2/ 205.
(¬2) المحلى لابن حزم: 7/ 64، 65، المغني لابن قدامة: 5/ 38.
(¬3) مواهب الجليل من أدلة خليل الشّيخ أحمد الجكني الشنقيطي: 2/ 96، الحاوي للماورري: 5/ 20.
(¬4) كما في أدلة أصحاب القول الأوّل.

الصفحة 372