كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 1)

منها في أجرته، إِلَّا الحسن البصري، وعبد الله بن عبيد بن عمير" (¬1).
قال النووي: "وقال الحسن البصري: يجوز أن يُعطى الجزار جلدها، وهذا منابذ للسنة" (¬2).

وحجة الجمهور فيما ذهبوا إليه:
أوَّلًا: النص:
وهو ما تقدّم في حديث علي بن أبي طالب، وفيه: " ... وأن لا أعطي الجزار منها ... " وأكد ذلك النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - بقوله: "نحن نعطيه من عندنا".
قال أبو العباس القرطبي معلقًا على ذلك: "وقوله: (نحن نعطيه من عندنا)، مبالغة في سدّ الذريعة، وتحقيق للجهة الّتي تجب عليها أجرة الجازر" (¬3).

ثانيًا: المعقول:
1 - إنَّ الذَّبح على صاحب الهدي، أو الأضحية، فعِوضُهُ عليه دون المساكين (¬4).
2 - إنَّ دفع جزءٍ منها عوضًا عن الجزارة، كبيعه، ولا يجوز بيع شيء منها (¬5).
* بهذا يتبين رجحان ما ذهب إليه الجمهور، ويمكن الاعتذار عما ذهب إليه الحسن البصري، ومن معه، بأنّه: لم يبلغهما الحديث، أو أنّهما أرادا بذلك: إعطاء الجزار على سبيل الصَّدقة، أو الهدية، وهذا جائز.
¬__________
(¬1) فتح الباري لابن حجر: 3/ 651، قلتُ: ونص القرطبي كما في المفهم شرح مسلم: "وكان الحسن البصري، وعبد الله بن عبيد الله بن عمير لا يريان بأسًا أن يُعطى الجزار الجلد": 3/ 416.
(¬2) شرح النووي على مسلم: 9/ 65.
(¬3) المفهم شرح صحيح مسلم لأي العباس القرطبي: 3/ 416، دار ابن كثير، ط 1: 1417 هـ
(¬4) المغني لابن قدامة: 5/ 302.
(¬5) المغني لابن قدامة: 5/ 302.

الصفحة 413