كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 2)

مناقشة الاستدلال:
ناقش الحنفية هذا الاستدلال: بأن المراد بالغني في الحديث هو: الغني بقوة البدن، والقدرة على الكسب، لا الغني بالنصاب الشرعي (¬1).

ثالثًا: الإجماع:
قال ابن عبد البر: "أجمع العلماء على أن الصَّدقة تحل لمن عمل عليها، وإن كان غنيًا، وكذلك المشتري لها بماله، والذي تهدى إليه، وإن كانوا أغنياء، وكذلك سائر من ذكر في الحديث ..... (¬2).
وقد نقل غير واحد من العلماء الاتفاق على ذلك (¬3).
هذا، وقد اختلف العلماء في بعض القيود الّتي بموجبها يجوز للمجاهدين الأخذ من الزَّكاة، ومن هذه القيود:
أ - أن يكون المجاهد فقيرًا:
وهذا القيد ذكره الحنفية (¬4)، حيث اشترطوا في المجاهد كي ياخذ من الزَّكاة من سهم (في سبيل الله) أن يكون فقيرًا. قال السرخسي: "وأمّا قوله تعالى: {وفي سبيل الله} فهم فقراء الغزاة ... ولا يصرف إلى الأغنياء عندنا .... " (¬5).
واستدل الحنفية على ذلك بما يأتي:
¬__________
(¬1) المبسوط للسرخسي: 3/ 10.
(¬2) الاستذكار لابن عبد البر: 9/ 203، وانظر كذلك، 9/ 199.
(¬3) مراتب الإجماع لابن حزم، ص/37، أحكام القرآن لابن العربي: 2/ 969، المغني لابن قدامة: 9/ 326، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي لسعدي أبي جيب: 1/ 500.
(¬4) المبسوط للسرخسي: 3/ 10، العناية شرح الهدية للبابرتي (بهامش شرح فتح القدير): 2/ 18، حاشية ابن عابدين: 2/ 61.
(¬5) المبسوط للسرخسي: 3/ 10.

الصفحة 419