كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 2)

حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - حين بعثه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - إلى اليمن، حيث جاء فيه قوله - صلّى الله عليه وسلم -: (... فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم، وترد على فقرائهم ....) (¬1).

وجه الاستدلال:
حيث دلّ الحديث بظاهره على أن الزَّكاة لا تكون إِلَّا في الفقراء، ومنهم الغازي في سبيل الله، فلا يأخذ منها إِلَّا بوصف الفقر (¬2).

مناقشة الاستدلال:
نوقش الاستدلال بهذا الحديث بعدة مناقشات:
أوَّلًا: أن هذا الحديث الّذي استدلوا به عام، مخصوص بحديث أبي سعيد الخدري السابق، وهو قوله - صلّى الله عليه وسلم -: (لا تحل الصَّدقة لغني إِلَّا لخمسة: لغاز في سبيل الله ....) (¬3) الحديث. حيث استثنى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - الغازي في سبيل الله، وبقية الخمسة المذكورين في الحديث في جواز الأخذ من الزَّكاة مع الغنى (¬4).
ثانيًا: أن الله تعالى جعل الفقراء والمساكين صنفين، وعدّ بعدهما ستة أصناف؛ فلا يلزم وجود صفة المصنفين في بقية الأصناف، كما لا يلزم وجود صفة الأصناف فيهما (¬5).
ثالثًا: أن هذا الغازي، إنّما يأخذ مع الغنى من الزَّكاة لحاجتنا إليه، فأشبه العامل والمؤلِّف، فأمّا أهل سائر السهمان، فإنّما يعتبر فقر من ياخذ لحاجته إليها، دون من
¬__________
(¬1) سبق تخريجه، راجع مبحث أخذ المال على الزَّكاة.
(¬2) المغني لابن قدامة: 9/ 326، 327.
(¬3) سبق تخريجه، راجع ص 418.
(¬4) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 8/ 18.
(¬5) المغني لابن قدامة: 9/ 327.

الصفحة 420