كتاب أخذ المال على أعمال القرب (اسم الجزء: 2)

المطلب الثّاني أخذ المجاهدين من بيت المال
لقد سبق الحديث عن بيت المال من حيث التعريف به، وبيان ما يردّ إليه من أموال، وبيان أقسامه، ومنها بيت مال الفيء، وهو المعني هنا. أمّا بقية أموال بيت المال، فلها مصارف محددة، ومعروفة سبق الكلام عنها (¬1).
وأمّا حكم أخذ المجاهدين من بيت المال، فقد اتفق العلماء على أن كفاية المجاهدين، وكفاية من يعولون، تكون في بيت المال (¬2). وذكر بعضهم الإجماع على ذلك (¬3).
وقد بالغ بعض أهل العلم، فذهب إلى اختصاص أهل الجهاد بمال الفيء؛ قال ابن قدامة: "وذكر القاضي، أن أهل الفيء هم أهل الجهاد من المرابطين في الثغور، وجند المسلمين، ومن يقوم بمصالحهم" (¬4).
وعلل ذلك:
بأن مال الفيء كان للنبي - صلّى الله عليه وسلم - في حياته؛ لحصول النصرة، والمصلحة به، فلما مات صارت للجند، ومن يحتاج إليه المسلمون، فصار ذلك لهم دون غيرهم (¬5).
¬__________
(¬1) راجع، ص 96 من هذا الكتاب.
(¬2) المبسوط للسرخسي: 3/ 17، 18، 10/ 20، شرح فتح القدير لابن الهمام: 4/ 284، البناية شرح الهداية للعيني: 6/ 494، حاشية ابن عابدين: 2/ 85، 3/ 281، البيان والتحصيل لابن رشد: 18/ 317، شرح الزرقاني على خليل: 3/ 127، 128، جواهر الإكليل للآبي: 1/ 260. المغني لابن قدامة: 9/ 298، 302 - 303، مجموع الفتاوى لابن تيمية: 28/ 565، قال ابن تيمية: "فقد اتفق العلماء على أن يصرف منه أرزاق الجند الماقاتلة".
(¬3) فتح الباري للحافظ ابن حجر: 6/ 311، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي لسعدي أبي جيب: 2/ 860.
(¬4) المغني لابن قدامة: 9/ 298.
(¬5) المغني لابن قدامة: 9/ 298، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 30/ 134.

الصفحة 423