٢ - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» (¬١).
وجه الدلالة: إن هذا الحيوان الصائل الذي قُتِل مالٌ مستهلَك على صاحبه بغير طيب نفس منه، فاقتضى أن يكون مضمونا على مستهلِكه (¬٢).
نوقش هذا الاستدلال من وجهين:
(أ) إن هذا المال وإن استهلك على صاحبه بغير طيب نفس منه إلا أنه مأذون به شرعا، وفي الإذن بالقتال والضمان منافاة (¬٣).
(ب) إننا نقلب هذا الدليل عليكم فنقول: تضمين المصول عليه دية الصائل أو قيمته هو مال لم تطب نفس المصول عليه به، فاقتضى أن لا يؤخذ منه (¬٤).
٣ - إنه أتلف مال غيره بغير إذنه لإحياء نفسه، فكان عليه ضمانه كالمضطر إلى طعام غيره إذا أكله (¬٥).
نوقش: بأنه فارق المضطر. فإن الطعام لم يلجئه إلى إتلافه ولم يصدر منه ... ما يزيل عصمته، ولهذا لو قتل المحرم صيدا لصياله لم يضمنه، ولو قتله
---------------
(¬١) أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٧٢)، وأبو يعلى في مسنده (٣/ ١٤٠)، والدارقطني في سننه (٣/ ٢٦)، والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الغصب، باب من غصب لوحا فأدخله في سفينة أو بنى عليه جدارا (٦/ ١٠٠)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ١٧٢): «وأبو حرة وثقه أبو داود، وضعفه ابن معين»، واعتمد ابن حجر في التقريب (١/ ٢٥٠) الأول؛ فقال: ثقة، وقواه الألباني بشواهده كما في الإرواء (٥/ ٢٧٩).
(¬٢) انظر: إيثار الإنصاف (ص ٨٠٣)، كتاب الحدود من الحاوي (٢/ ١١٠٦ - ١١٠٧).
(¬٣) انظر: مغني المحتاج (٤/ ١٩٥).
(¬٤) انظر: كتاب الحدود من الحاوي (٢/ ١١٠٨).
(¬٥) انظر: المرجع السابق (٢/ ١١٠٧)، المغني (١٢/ ٥٣٠).