ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال (¬١).
فهذه نصوص صريحة تدل على تحريم الإسراف والتبذير وإضاعة المال، ومن ذلك إتلاف المرء ماله بغير منفعة دينية أو دنيوية.
الفرع الثاني: في ضمان الإنسان ما أتلف من ماله:
لم أجد - حسب ما وقفت عليه - من استوفى الكلام على القاعدة بذكر أقوال الفقهاء فيها وأدلتهم، إلا أنه من خلال تتبعي لبعض فروع القاعدة تبين لي أن فقهاء المذاهب الأربعة - الحنفية (¬٢) والمالكية (¬٣) والشافعية (¬٤) والحنابلة (¬٥) - اتفقوا على قبولها والعمل بها، واستدلوا على ذلك بأدلة يمكن تقسيمها إلى قسمين:
القسم الأول: أدلة الشطر الأول من القاعدة، وهو أنه لا يجب الضمان بإتلاف ملكه إذا لم يتعلق به حق لغيره:
---------------
(¬١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الرقاق، باب ما يكره من قيل وقال (٤/ ١٨٦) برقم (٦٤٧٣)، وفي كتاب الاعتصام بالسنة، باب ما يكره من كثرة السؤال (٤/ ٣٦٢) برقم (٧٢٩٢)، ومسلم في صحيحه: كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة (٣/ ١٣٤١) برقم (٥٩٣) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(¬٢) انظر: بدائع الصنائع (٦/ ١٦٣)، الهداية مع البناية (٤/ ٣٥٠ - ٣٥٣)، الدر المختار مع حاشية رد المحتار (٦/ ٥١٦).
(¬٣) انظر: الكافي لابن عبد البر (ص ١٥٥)، حاشية الدسوقي (٣/ ٢٤٢)، شرح الزرقاني على خليل (٥/ ٢٤٤)، منح الجليل (٥/ ٤٤٦).
(¬٤) انظر: المهذب مع المجموع (١٢/ ٣٧٢)، روضة الطالبين (٣/ ١٦٣)، المنثور (٣/ ٣٦٠)، مغني المحتاج (٤/ ٩٣).
(¬٥) انظر: المغني (٥/ ٤٢٢ - ٤٢٣)، تقرير القواعد (٣/ ٤٩)، الإنصاف (٨/ ٢٩٨ - ٣٠١)، الإقناع (٢/ ٣٢١ - ٣٢٢)، كشاف القناع (٣/ ٣٣٥، ٣٣٦).