كتاب القواعد والضوابط الفقهية في الضمان المالي

وهذا قول المالكية (¬١) والشافعية (¬٢) والحنابلة (¬٣).
أدلة القول الأول:
استدل أصحاب هذا القول بأدلة من السنة والعقل، هي كما يأتي:
١ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (العجماء جرحها جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس) (¬٤).
وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن في هذا الحديث أن ما تتلفه البهائم لا يجب ضمانه، وهو حديث عام؛ فيجب العمل بعمومه، سواء كان الإتلاف ليلاً أو نهارا (¬٥).
نوقش هذا الدليل: بأن هذا الحديث عام، وما قضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - في ناقة البراء بن عازب - رضي الله عنه - بأن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها (¬٦) حكم خاص، والخاص يقضي على العام.
---------------
(¬١) وقد خصوا الضمان بإتلاف الزرع والحوائط دون بقية الأموال والدماء، وقيل: بل هو يختص بجميع الأموال دون الدماء. انظر: الكافي لابن عبدالبر (ص ٤٣٤ - ٤٣٥)، جامع الأمهات (ص ٥٢٥)، الفروق (٤/ ١٨٥ - ١٨٦)، قوانين الأحكام الشرعية (ص ٣٤٥)، العقد المنظم (٢/ ٨١)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (٤/ ٣٥٧ - ٣٥٨)، منح الجليل (٩/ ٣٦٩ - ٣٧٠).
(¬٢) انظر: اللباب للمحاملي (ص ٣٨٧)، روضة الطالبين (١٠/ ١٩٥)، فتح الباري (١٢/ ٢٦٩)، مغني المحتاج (٤/ ٢٠٦ - ٢٠٧).
(¬٣) الصحيح من مذهب الحنابلة: أن جميع ما أتلفته البهيمة من الأموال ليلاً مضمون على مالكها، وفي رواية: أنه خاص بالزرع والشجر، وقيل: خاص بالزرع فقط. انظر: المغني (١٢/ ٥٤١)، المبدع (٥/ ١٩٩)، الإنصاف مع المقنع (١٥/ ٣٣٧ - ٣٤١)، منار السبيل (١/ ٤٣٩).
(¬٤) تقدم تخريجه صفحة ١١٤.
(¬٥) انظر: اللباب للمنبجي (٢/ ٧٢٧).
(¬٦) سبق تخريجه صفحة ٧٢.

الصفحة 644