القول الثاني: أن الأجر والضمان يجتمعان. وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (¬١)
والشافعية (¬٢) والحنابلة (¬٣).
أدلة القول الأول:
بنى الحنفية قاعدتهم هذه على نظريتهم المشهورة في «أن الغاصب لا يضمن قيمة منافع المغصوب عن مدة الغصب، بل يضمن العين فقط إذا هلكت أو تعيبت؛ لأن المنافع عندهم ليست متقومة في ذاتها، وإنما تتقوم بعقد الإجارة، ولا عقد في الغصب» (¬٤).
وقالوا في تعليلهم لقاعدة «الأجر والضمان لا يجتمعان»: «لأن الضمان إنما يكون بسبب التعدي، والتعدي على مال الغير غصب له أو كالغصب، ومنافع
---------------
(¬١) وذلك كما في مسألة: إذا استأجر رجل أرضا، ليزرع فيها حنطة، فزرع فيها نباتا أشد ضررا من الحنطة؛ فإن المالكية قالوا: لرب الأرض كراء الحنطة وقيمة الإضرار بالزيادة، فجمعوا هنا بين الأجر والضمان.
وكذلك: إذا استغل الغاصب العين المغصوبة وانتفع بها، ثم تلفت؛ وجب عليه ضمانها ودفع أجرة انتفاعه بها على المشهور من مذهب المالكية.