كتاب القواعد والضوابط الفقهية في الضمان المالي

أدرعا (¬١) فقال: أغَصباً يا محمد؟ فقال: (بل عارية مضمونة)، قال: فضاع بعضها، فعرض عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب (¬٢).
وجه الدلالة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - التزم لصفوان بضمان العارية التي استعارها منه، فلما ضاع بعض العارية وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضمنها عفا عنها صفوان - رضي الله عنه -.

ثالثا: الإجماع:
ويمكن أن يستدل بالإجماع من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: لا خلاف بين العلماء على تضمين المثل في المطعومات والمشروبات والموزونات، واختلفوا فيمن استهلك أو أفسد شيئا من الحيوان أو العروض التي لا تكال ولا توزن، هل تضمن بالمثل أو بالقيمة (¬٣).
توضيحه: يفهم من هذا أن العلماء متفقون على وجوب الضمان هنا، وإن اختلفوا في كيفية الضمان بالنسبة للحيوان والعروض التي لا تكال ولا توزن.
---------------
(¬١) أدرع: جمع درع، وهو لبوس الحديد.
انظر: النهاية في غريب الحديث (٢/ ١١٤)، لسان العرب (٨/ ٨٢).
(¬٢) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٤٠١) واللفظ له، وأبو داود في سننه: كتاب البيوع والإجارات، باب في تضمين العارية (٣/ ٨٢٢ - ٨٢٣) برقم (٣٥٦٢)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٥٤)، والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب العارية، باب العارية مضمونة (٦/ ٨٩)، وقال بعد أن ساق عدة طرق لهذا الحديث: ((وبعض هذه الأخبار وإن كان مرسلا فإنه يقوى بشواهده مع ما تقدم من الموصول والله أعلم))، وصححه الألباني بمجموع طرقه في الإرواء (٥/ ٣٤٤). وانظر: التلخيص الحبير (٣/ ١١٦).
(¬٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٢٣٩)، الإشراف لابن المنذر (٢/ ٣٥٥/أ).

الصفحة 73