كتاب سهم الألحاظ في وهم الألفاظ

وأمّا ما روي من أَنّهُ (اخْتَتَنَ إبراهيمُ، عليه السلامُ، بالقَدُومٍ) (72) فالقدوم فيه مروي بالتشديد والتخفيف. وهو على الأَوَّلِ قريةٌ بالشامِ، كما ذكره صاحب المطالع. زادَ صاحبُ التكملةِ (73) فقال: عندَ حلب. وعلى التخفيف يحتملُ القرية المذكورة وآلة النّجّارِ المخصوصة. قال النوويّ (74) : والأكثرونَ على التخفيفِ وعلى إرادةِ الآلةِ.
24 - ومن ذلك قولُهُم: (الكِتّان) لِما يُتّخَذُ منهُ الخيوطُ، بكَسْرِ الكافِ. وإنّما هو بفتحِها على ما في الصحاحِ (75) وأَدَبِ الكاتبِ (76) والتقريبِ من الاقتصارِ على فَتْحِها. وعلى ما في المُغْرِبِ (77) من ضَبْطِهِ بالقلمِ بالفتحِ دونَ غيرِهِ. وهو غيرُ القِنّبِ الذي يُتّخَذُ منهُ الحبالُ عندَ بَعْضٍ، وغيره عندَ بعضٍ. وعليهِ جَرَى استعمالُ أهلِ زماننا.
25 - ومن ذلكَ: هي ثيابٌ (جُدَد) بضم الجيم وفتحِ الدالِ الأولى. وحكَى في أدبِ الكاتبِ (78) ضَمّ الدالِ الأولى، قالَ: (ولا يُقالُ: جُدَدٌ، بفتحِها) . انتهى. وفي الصحاح (79) : (وثيابٌ جُدُدٌ، مِثْلُ سريرٍ وسُرُرٍ) . قالَهُ بعدَ أنْ قالَ ما نَصُّهُ: (وجَدَّ الشيءُ، أي صارَ جَدِيداً، وهو نقيضُ الخَلَقِ. وثوبٌ جديدٌ، وهو في معنى مجدودٍ، يُرادُ بهِ حينَ جَدَّهُ الحائكُ، أي قَطَعَهُ) . فاحتملَ جُدُدٌ أنْ يكونَ جمعاً لجديدٍ بكلا مَعْنَيَيْه.
__________
(72) النهاية في غريب الحديث والأثر 4 / 27.
(73) هو الصغاني المتوفى 650 هـ في كتابه التكملة والذيل والصلة 6 / 118.
(74) يحيى بن شرف، ت 676 هـ. (النجوم الزاهرة 7 / 278، الأعلام 9 / 185) .
(75) الصحاح (كتن) .
(76) أدب الكاتب 388.
(77) المغرب في ترتيب المعرب 2 / 208.
(78) أدب الكاتب 394.
(79) الصحاح (جدد) .

الصفحة 35