كتاب تحفة الأبرار بنكت الأذكار للنووي

ذلك فسواء فسرنا الصلاة من الله بالرحمة، أو المغفرة، أو الثناء عليه عند الملائكة، أو التعظيم، أو الشريف، وزيادة المكرمة لو أتينا عقب التشهد في الصلاة بأحد هذه الألفاظ لم يتم مقام الصلاة، ولم يسقط بذلك فرضها ولا حصلت سنتها عند من يراها سنة للتعبد بهذا اللفظ دون غيره من الألفاظ، وباب العبادات يتلقى من الشارع على حسب ما ورد من غير رواية بالمعنى، ولا زيادة ولا نقص، وهذا مدرك ابن العربي وغيره في إنكار لفظ الرحمة في هذا المحل الخاص مع نقل ابن العربي عن علمائهم أن الصلاة من الله الرحمة، فإن أتى بلفظ الرحمة بدل الصلاة فهذا يمنع اتفاقا عند القائل به، ولعله أرجح لضعف الأحاديث في ذلك انتهى.
وقال الشيخ بدر الدين بن الدماميني في كتاب (حسن الاقتصاص فيما يتعلق بالاختصاص) ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم أنه لا يدعى له بالرحمة، وإنما يدعى له بالصلاة والبركة التي يختص بها، ويدعى لغيره بالرحمة والمغفرة، كذا قال ابن عبد البر وعد ذلك من خصائصه، قال: وقد رويت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متواترة بألفاظ متقاربة، وليس في شيْ منها وارحم محمدا وآل محمد، وإنما فيها لفظ الصلاة والبركة لا غير، ولا أحب لأحد أن يقول وارحم محمدا، والصلاة وإن كانت من الله الرحمة فإن النبي صلى الله عليه وسلم خص بهذا اللفظ.
قال الدماميني: وقد ذكر ابن أبي زيد في رسالته في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم ارحم محمدا وآل محمد، وحجته ما ثبت في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فلا

الصفحة 80