كتاب تحفة الأبرار بنكت الأذكار للنووي

وأقول: الذي دلت عليه هذه الأحاديث جواز الدعاء له بالرحمة على سبيل التبعية لذكر الصلاة والسلام كما في سلام التشهد على وجه الإطناب والحكاية، وأما على وجه الأفراد كأن يقال: قال النبي رحمه الله فلا شك في منعه وهو خلاف الأدب وخلاف المأمور به عند ذكره من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، ولا ورد ما يدل عليه البتة، ورب شيْ يجوز تبعا ولا يجوز استقلالا، ونظيره هنا الصلاة على غير الأنبياء فإنها تجوز على وجه التبعية لهم، وتمتنع على وجه الاستقلال والله أعلم.
قوله: والظاهر أنها تحصل بركعتين من السنن الرواتب، وتحية المسجد وغيرها من النوافل.
قال الحافظ زين الدين العراقي في شرح سنن الترمذي: هكذا أطلق النووي حصولها من غير تقييد بكونه ينوي بتلك الاستخارة بعدها، وفيه نظر لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمره بذلك بعد حصول الهم بالأمر، فإذا صلى راتبه أو تحية المسجد ثم هم بأمر بعد الصلاة أو في أثناء الصلاة فالظاهر أنه لا يحصل بذلك الإتيان بالصلاة المسنونة عند الاستخارة، وبدا له بعد الصلاة الإتيان بدعاْ الاستخارة فالظاهر حصول ذلك، وقد يقال إن لم ينو بالركعتين الاستخارة بعدها تحصل سنتها بذلك، فإن نواهما معا التحية والاستخارة حصلتا لأن التحية تحصل بشغل التبعية ولو بفريضة،

الصفحة 83