كتاب شرح زروق على متن الرسالة (اسم الجزء: 1)

على قوله جملة مختصرة وهو أولى ولا سيما على ما روى الشيخ كتب أولاً باب العقيدة وجمل من الفرائض فما بعده فراجعه فطلب جملاً من أصول الفقه كما ذكر، والجمل: جمع جملة وهي الجماعة من المسائل وغيرها ومراده بأصول الفقه أمهات مسائله التي ترجع إليها فروعه كمسألة بيوع الآجال وبيع الدين بالدين وبيع الغائب ونحو ذلك، وبفنونه: فروعه المتفرعة عن تلك الأصول الراجعة إليها والمأخوذة منها وكلا الأمرين في كل الأبواب إلا القليل فينفرد بالأخير لا بالأول والله أعلم.
والفقه: العلم بالأحكام الشرعية المكتسب من أدلتها التفصيلية فلا ففيه إلا المجتهد وإطلاقه على من دونه مجاز أي على الحافظ له والخائض فيه كما هو الاصطلاح اليوم القرافي ويقال: فقه بكسر القاف: إذا فهم وبفتحها إذا سبق غيره إلى الفقه وبضمها إذا صار الفقه له سجية فهو في اللغة: الفهم والله أعلم.
والمذاهب أقوى في النفس حتى يتقلده في نفس وفي حق غيره لراجحيته عنده ومالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي إمام دار الهجرة فقها وحديثاً بعد التابعين، قال النووي: وقد اجتمعت طوائف العلماء على إمامة مالك وجلالته وعظيم سيادته وتبجيله وتوقيره والإذعان له في الحفظ والتثبت وتعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الشافعي رحمه الله: مالك أستاذي وعنه أخذت العلم وهو الحجة بيني وبين الله تعالى وما أحد أم علي من مالك، وإذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب، وقال عليه الصلاة والسلام: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة».
قال القاضي عبد الوهاب: ولم يشتهر بعالم المدينة من الأئمة الأربعة وغيره فهم لا ينازعونه في هذه المزية وحمل غير واحد الحديث عليه كابن عيينة وأمثاله ومن جرى له ذلك قبل مالك لم يدم له ولم يشتهر به شهرته ويكفي في راجحيته كونه إمام دار الهجرة في خير القرون، ومتبوع أهل المغرب الذين لا يزالون ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة كما صح في الحديث، وإن اختلفت رواياته وعصم الله مذهبه من أن يكون فيه

الصفحة 22